وتشير الصحيفة إلى أنه حالياً، لا يزال الملك في السعودية هو سلمان بن عبد العزيز، الرجل المسن الذي استمد سلطته في المملكة، على أساس أنه ابن مؤسس المملكة عبد العزيز نفسه. وقد جرت الأمور منذ وفاة الملك عبد العزيز على أن تنتقل السلطة من الابن الأكبر إلى الأصغر حتى وصلت إلى سلمان أخيراً.
وتضيف "بحسب النظام الملكي في السعودية، تنحصر جميع السلطات في يد الملك، وهذا ربما ما دفع الأمير الشاب، الذي يبلغ من العمر 33 عاماً، إلى تحضير نفسه لتبوؤ العرش، فيكسر عندها قبضة كبار السن من آل سعود، الذين حازوا السلطة خلال عقود.
وتصف "ذا غارديان" ولي العهد، محمد بن سلمان، بأنه شاب عديم الخبرة يخوض حروبا عدة في وقت واحد، وتشير سياساته الخارجية المضطربة بخصوص اليمن وسورية وقطر، إلى ميله لاتخاذ قرارات متسرعة وفجة. كما أنه يسعى الآن إلى العبث بالتوازن الدقيق للقوى في لبنان.
وتضيف الصحيفة أن أعداء محمد بن سلمان، كما هو الحال مع الحاكم الفعلي في أبوظبي، محمد بن زايد، هم الإخوان المسلمون وإيران. ويبدو أن أفضل صديق له على الصعيد الدولي هو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي أنفق وقتا طويلا خلال جولته في آسيا ليعلن عن موافقته على تصرفات بن سلمان، ذلك ربما من أجل ضمان إدراج أسهم شركات النفط في السعودية في البورصات بالولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة أيضاً، أثبت بن سلمان أنه لا يرحم، إذ يسعى إلى إسكات أولئك الذين يختلفون معه من رجال الدين، وفي شظايا الفضاء الممنوح للمجتمع المدني السعودي. وفي نفس الوقت الذي حرم فيه السعوديين من الحقوق المدنية، أعطى محمد بن سلمان للنساء الحق في القيادة، إنه يعطي قليلا ويأخذ الكثير.
الاعتقالات الأخيرة بدت أنها تتسم بـ"الشفافية السياسية"، إذ أتت بعد تكليف ولي العهد بتشكيل لجنة جديدة لمكافحة الفساد، تتمتع بالسلطة "لاعتقال ومصادرة ممتلكات تم الحصول عليها بشكل فاسد". وشملت الاعتقالات التي تم تنفيذها، ثلاثة من أغنى رجال الأعمال في البلاد.
يبدو كل ذلك وكأنه محاولة لنزع فتيل القلق العام إزاء الفساد المتزايد، بعد أن ساد شعور بين السعوديين أن الكسب غير المشروع متفش في البلاد إلى حد طاغ. حيث تحتل المملكة العربية السعودية، وهي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، المرتبة الأخيرة في العالم من ناحية شفافية الموازنة، فلا أحد يعرف بالضبط كم من المال تنفقه الدولة وعلى ماذا.
وتُتهم الدائرة الداخلية للعائلة المالكة باختلاس مبالغ ضخمة من الأموال العامة، حيث يعيش فرع سلمان من آل سعود في رفاهية غير متوازنة مع تخفيضات الميزانية الكبيرة، ذلك أن الملك أنفق مائة مليون دولار في عطلة مؤخرا في المغرب، وابنه اشترى يختاً بخمسمائة مليون دولار.
إلى ذلك، رأت "ذا غارديان" أن "ما يقوم به ولي العهد السعودي، هو استخدام للوسائل الاستبدادية، فقراراته لم تأت بشكل جماعي، كما جرت العادة في العائلة المالكة السعودية. سيكون من الأفضل أن تكون لدى السعودية سياسة أكثر تجاوباً، واقتصاد ديناميكي متحرر من اعتماده على النفط. لكن ولي العهد لا يبدو أنه جاد في تحقيق هذه الأهداف، فهو يسعى للوصول إلى العرش فقط.