"داعش" يرسم حدود خلافته في سورية بتواطؤ النظام والعالم

10 يوليو 2014
وصول تعزيزات من قوات المعارضة لريف حلب (حسن أوزكال/الأناضول/Getty)
+ الخط -
يرجّح مراقبون أن يواصل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، غداة سيطرته على كامل ريف مدينة دير الزور، ومبايعته من قبل معظم الفصائل الموجودة في بلدة الشحيل، آخر وأهم معاقل جبهة النصرة في المدينة، العمل للسيطرة على باقي المناطق التي تقع ضمن حدود "خلافته" التي أعلنها أواخر يونيو/حزيران الماضي.

ويسعى التنظيم إلى الاستفادة من كميات الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي جاء بها من العراق، ومن المساندة غير المباشرة التي تأتيه من قبل قوات النظام السوري، سواء بالقصف الجوي لمواقع المعارضة التي تحاربه، أو من خلال الاشتباك معها.

وفي ريف حلب الشرقي، التي تخوض فيها المعارضة أشرس المعارك مع تنظيم "داعش"، استطاعت قوات النظام السيطرة على المدينة الصناعية بمنطقة "الشيخ نجار"، وتتأهب لاستعادة السيطرة على مدرسة المشاة الإستراتيجية، التي ينذر سقوطها بسقوط حلب بأكملها بيد قوات النظام، وسقوط ما تبقى من الريف الشرقي بيد "داعش"، إذ وقعت المعارضة هناك بين فكي كماشة النظام و"داعش".

وأثمرت نداءات الاستغاثة التي أطلقها قادة عسكريون وناشطون مدنيون لمساندة الكتائب المرابطة ضد ما سموه الدولتين، في إشارة للنظام السوري و"داعش"، عن توحد 26 فصيلاً تحت اسم "لواء الفرسان" من أجل البدء بالهجوم العكسي على قوات النظام.

كما أثمرت نداءات الاستغاثة عن وصول أرتال تابعة لـ "جبهة ثوار سورية" من ريف ادلب إلى ريف حلب الشمالي، للمشاركة في مساندة المعارضة ضد "داعش"، بالإضافة إلى رصد "الائتلاف السوري" المعارض مبلغ مليونَي دولار لدعم تسليح كتائب المعارضة في محافظة حلب.

وعلى الرغم من أهمية توحد كتائب المعارضة في ريف حلب، فإنه من المرجح أن يستمر كل من النظام و"داعش" في الإطباق عليها في محافظتي حلب ودير الزور، استكمالاً لترسيم حدود "دولة الخلافة"، التي يبدو أنها ستصبح أمراً واقعاً نتيجة عدم تحريك المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية، ساكناً تجاه جرائم النظام السوري.

فقد اكتفت واشنطن ببعض التهديدات غير الجدية، والتأكيد على أن من ظهر في الفيديو الذي بث من الموصل هو بالفعل أبو بكر البغدادي.

واستكمالاً لخطة ترسيم حدود الخلافة، قام "داعش"، يوم الجمعة الماضية، بتهجير أهالي مدينة الشحيل بدير الزور، البالغ عددهم أكثر من 30 ألف نسمة، وذلك بعد مبايعة فصائل وبعض أهالي المدينة للدولة الإسلامية في الـثاني من الشهر الجاري.

فقد فرضت الدولة الإسلامية على أهالي الشحيل ثلاثة شروط وهي توبة الأهالي، تسليم السلاح الموجود لدى المقاتلين وأهالي البلدة، وأن يخرج الأهالي من البلدة نحو عشرة أيام، ويبقون خارجها إلى أن تشعر "الدولة الإسلامية" بالأمان، ومن ثم تتم عودة الأهالي إلى البلدة.

ولجأ الأهالي إلى قرى وبلدات مجاورة لكل من الشحيل وطابية جزيرة وخشام، بالتزامن مع شهر رمضان، وبعضهم لا يزال يفترش العراء، وسط ظروف غير إنسانية، من ارتفاع درجات الحرارة ونقص في الأغذية والمياه، وعدم تقديم "الدولة الإسلامية" لأية معونة للمدنيين الذين هجَّرتهم.

وغداة تمكن داعش من السيطرة على ريف مدينة دير الزور بالكامل، تبقى السيطرة على القسم الذي تسيطر عليه المعارضة من المدينة هو تحصيل حاصل، إذ يتوقع أن تبايع معظم فصائل المعارضة في المدينة، تنظيم "داعش"، لأسباب أهمها عدم القدرة على المقاومة.

ويبقى تعاطي "داعش" مع قوات النظام المتواجدة في المدينة، بمثابة الاختبار الحقيقي لهذا التنظيم لناحية ما يتم تداوله عن ارتباطه بالنظام، بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ ستكون قوات النظام هي القوة العسكرية الوحيدة في قلب "خلافة" البغدادي، والتي يدّعي مناصبتها العداء.