"داعش" محاصر بالحجر الأسود والأوبئة تفتك بسكان اليرموك

30 يوليو 2014
20 من أصل 150 ألفاً بقوا في المخيم(رامي السيد/الأناضول/getty)
+ الخط -

استتب الوضع الأمني إلى حد ما في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وتجمع هؤلاء في منطقة الحجر الأسود المجاورة للمخيم، حيث يحاصرهم هناك مقاتلون من "الجيش الحر" وفصائل إسلامية، غير أنّ الأوضاع تبقى هشة ومعلقة بتنفيذ اتفاق الهدنة المتعثر مع النظام السوري، في ظل تواصل المعاناة الإنسانية ونقص الطعام، وتفشي الأمراض والأوبئة، خاصة بعد اكتشاف عشرات الإصابات بـ"التيفوئيد" والطاعون.

ويشهد المخيم هدوءاً مشوباً بالحذر بعد نحو أسبوعين من الاشتباكات المتقطعة في المنطقة، والتي أسفرت عن سقوط نحو ثلاثين قتيلاً، وأدت إلى إبعاد تنظيم "داعش" من المخيم، ومن منطقة التضامن في اتجاه الحجر الأسود المجاور. وأبرز الفصائل المسلّحة الموجودة حالياً في المخيم هي "أكناف بيت المقدس" و"جبهة النصرة" و"جيش التحرير الفلسطيني".

حصار (داعش) في الحجر الأسود

وتحاصر مجموعة من الفصائل المسلّحة (الجيش الحر وكتائب إسلامية) عناصر التنظيم البالغ عددهم حوالي 250 شخصاً، منذ نحو عشرة أيام، في الحجر الأسود، بعد محاصرة مقراته في منطقتي ببيلا ويلدا، وإجبار عناصره على تسليم أنفسهم الى هيئة شرعية شُكلت لهذا الغرض. 


وكان تنظيم (داعش) قد هاجم مقرّات "جيش الإسلام"، و"أجناد الشام" في بلدة يلدا، واعتقل قائدي هذين الفصيلين، كردّ فعل على طرد التنظيم من الغوطة الشرقية بعد معارك مع الجبهة الإسلامية. وتم الإفراج عن القائدين بعد تدخل "جبهة النصرة"، على أن تتم إحالتهما إلى المحكمة الشرعية. غير أن "تنظيم الدولة" رفض بقية بنود المبادرة، الأمر الذي دفع الفصائل المسلّحة إلى محاصرة مقرات (داعش) في منطقتي ببيلا ويلدا، واللتين تعدان معقلاً للتنظيم. 
وبعد حصار دام خمسة أيام وتدخل "جبهة النصرة" مجدداً لحل الخلاف، تم الاتفاق على أن يسلم ثمانون شخصاً من "تنظيم الدولة" أنفسهم إلى هيئة شرعية، أنشأتها الفصائل الموجودة في تلك المنطقة.

وبحسب بيان للهيئة الشرعية، فقد تم تشكيل محكمة خاصة تضم حقوقيين وشرعيين للنظر في ملابسات هذا الموضوع، والفصل في قضايا الدم والأموال وفق الشرع، مشيراً الى أن من أسباب مهاجمة الفصائل "تنظيم الدولة"، هو عدم مشاركته في مواقع الرباط، وكذلك طريقة تعامل أميره، أبو صياح طيارة، المعروف بفرّامة مع موفد النظام، مصطفى العمّاوي، الذي كان يشرف على موضوع الهدنة في المنطقة الجنوبية، إذ كان يدخل ويخرج بحماية أمير الدولة ويبيت في ضيافته.

وأضاف البيان أن فرّامة كان يستفز الكتائب المقاتلة بافتتاحه مقرّات بجوارها لتوسيع نفوذه، فضلاً عن رفضه الانصياع لرأي الجماعة بتأسيس هيئة شرعية، وكذلك استغلال قوته في تخزين السلاح والطعام. وكان تنظيم الدولة عثر على موطئ قدم له في أحياء دمشق الجنوبية قبل سبعة أشهر تقريباً، وأعدم حينها قادة في "الجيش الحر" بتهمة الخيانة وتكديس الطعام.

تيفوئيد وطاعون

من جهة ثانية، يقول ناشطون: إن المخيم مقدم على كارثة إنسانية جديدة بعد تسجيل 109 حالات إصابة بالمرض الوبائي "التيفوئيد"، وحالات عدة بالطاعون منذ الشهر الماضي. وتقول جمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني في مخيم اليرموك: إنها تقوم بحملة التوعية بهذا المرض، الذي انتشر بشكل كبير في الآونة الأخيرة. كما بادرت كوادرها الى توزيع حبات "كلور" من أجل استخدامها في تنقية المياه لجعلها أكثر صلاحية للشرب، وتقديم ما يتوفر من علاجات وأدوية لمرضى "التيفوئيد"، إضافة إلى حملات التوعية.

غير أن ما يحد من نجاح هذه الجهود هو الافتقار الى المياه الصالحة للشرب وغياب الأدوية والعناية الطبية، خاصة أن قوات النظام وحلفاءها في مليشيا "القيادة العامة" التابعة لأحمد جبريل، تمنع دخول هذه الأدوية إلى المخيم برغم المناشدات المتكررة. 

وتحاول مجموعة من المنظمات الخيرية والإغاثية العاملة في المخيم سد الثغرات الكثيرة في النظام الإغاثي والصحي والخدماتي الناتجة عن غياب السلطات البلدية والحصار الخانق المفروض على المخيم والمنطقة الجنوبية منذ نحو عام. 

وتجدر الإشارة إلى أن أقلّ من عشرين ألف شخص مدني هم من بقوا في مخيم اليرموك، من أصل أكثر من 150 ألف فلسطيني، كانوا في المخيم قبل الأحداث الراهنة. وغادر أكثر من خمسين ألفاً منهم إلى لبنان، حيث يعيشون ظروفاً مزرية، بينما تشتت آخرون في بقاع الأرض، ومات العشرات منهم غرقاً في سعيهم الى الوصول بحراً إلى البلدان الأوروبية. بل إن الموت طارد من ذهب منهم إلى قطاع غزة، حيث أفادت الأنباء عن استشهاد اثنين من عائلة بدوان من أهالي مخيم اليرموك للاجئين جراء العدوان الحالي على القطاع.