"حرب سلام": لوحات أُطلق عليها الرصاص

04 سبتمبر 2015
بناية جسر "الرينغ"، بيروت
+ الخط -
قبل عام من اليوم، كان كل شيء في لبنان يدفعه إلى الهجرة، يقول التشكيلي جاد الخوري (1988)، الذي ينطلق معرضه "حرب سلام" في العاشر من أيلول/ سبتمبر الجاري في غاليري "سناغ".

الكهرباء التي تنقطع كل بضع ساعات، المياه الملوثة، الطائفية الصريحة والمقنّعة، التقسيم في الأحياء، غلاء الأسعار.. قائمة طويلة يعدّها الخوري في حديثه إلى "العربي الجديد"، من دون أن يلتقط أنفاسه. وبالرغم من أنه صرف النظر عن الهجرة التي كان قد بدأ خطواته العملية فيها، ما زالت هذه الأمور تثقل كاهله، لكنها لم تعد تدفع به إلى الرحيل، بل كأنها تناديه للبقاء.

الوضع لم يتغير، بل ربما أصبح أسوأ، مع أزمة النفايات والأحداث التي تعيشها العاصمة اللبنانية، فما الذي غيّر رأيه فعلاً؟ يقول: "كنت أتابع أعمال الفنان اللبناني نديم كريم، وأقول لنفسي إنه عالمي؛ لا بد أنه يعيش خارج لبنان. وكانت دهشتي كبيرة حين عرفت أنه يعيش ويعمل هنا".

مدفوعاً بفضوله، زار الفنان الشاب مكتب كريم، وسأله: "لماذا تعيش هنا؟"، يقول الخوري إن الإجابة جعلته يعيد النظر في موقفه من المكان، ويختصرها بعبارة: "وأين يمكن أن أكون، هنا مَن يحتاجوننا بحق".

بدأ مشروع الخوري من بناية بيروتية على جسر "الرينغ" مشهورة بآثار القصف عليها. تسلّقها الشاب بعد أن تدرّب مطولاً على الأمر، وبدأ في الرسم عليها مستغلاً فجوات القصف والحفر، لتكون جزءاً من تفاصيل الرسم، فيختفي أثر الحرب ليحل محله الفن.

لم يكن سهلاً على الخوري أن يأخذ تصريحاً بالرسم على البناية، لذلك فكر أنها قُصفت من دون إذن أصحابها، وهو سيقوم بتضميد جروحها فنياً من دون إذن أحد أيضاً. هكذا، وضع الخوري مخططاً لخمسة مبانٍ أخرى سيُجري عليها الأمر نفسه.

أمّا معرض "حرب سلام"، الذي يتواصل حتى 15 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، فيضمّ مجموعة من أعمال فنية رسمها الخوري بعد أن أطلق على ألواحها الحديدية الرصاص، وأصبحت الثقوب مراكز لوجوه وأشكال غير واضحة المعالم.

عنوان المعرض الذي يبدو عادياً بالعربية، هو عنوان يمكن التلاعب عليه بالإنجليزية، فيمكن أن يكون "قطعة حرب" أيضاً، كما يوضح الخوري، الذي يعتبر أن جيله لم يعش الحرب الأهلية، لكنه يعيش استمراريتها؛ وكأن الحرب تركت له قطعة منها تظهر في المدينة وتفاصيل الحياة فيها.

المساهمون