في ظل إقرار مليشيا الحوثيين (أنصار الله) رسمياً، وللمرة الأولى، بوجود وفد تفاوض يمثلهم في العاصمة العُمانية، مسقط، للتباحث حول اقتراحات حلول الأزمة اليمنية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلى استئناف الجهود السياسية لحل الأزمة، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه معه أمس الجمعة، متطرّقاً إلى ما وصفه "مشاورات جنيف" وليس مؤتمراً.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن بان كي مون تطرق خلال اتصاله بالرئيس اليمني، إلى موضوع "مشاورات جنيف". وجاء لافتاً في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة والمتحدثين باسمه خلو هذه التصريحات من عبارة "مؤتمر جنيف"، واستبدال كلمة مؤتمر بـ "مشاورات جنيف". ويؤشر هذا المصطلح على أن اجتماعات جنيف تحولت من مؤتمر حوار إلى لقاءات تشاورية أولية بين الأطراف ذات الصلة؛ الأمر الذي يؤكد أنباء سابقة بأن المشاورات قد يتم استكمالها في عاصمة خليجية، ليتم في تلك العاصمة الإعلان عن الحل السياسي المتوقع أن تتفق عليه القوى السياسية اليمنية، بما فيها الحركة الحوثية.
ومن المرجح أن تكون العاصمة الخليجية هي مسقط، إن لم يتم التوافق على الرياض. وفي حال اعتذار مسقط عن استضافة جلسات الحوار، فإن الدوحة تظل خياراً مطروحاً، خصوصاً أنها سبق أن استضافت حواراً من هذا القبيل أثناء إحدى جولات الحروب الست بين الحوثي والرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، قبل اندلاع ثورات الربيع العربي.
وبحسب ما أعلن البيان الصادر عن الأمم المتحدة، حول فحوى الاتصال بين الأمين العام والرئيس اليمني، فإنّ الأول طلب من مبعوثه الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، "مضاعفة جهوده" للتشاور مع الحكومة اليمنية، والأحزاب السياسية اليمنية، والدول في المنطقة "بهدف عقد المشاورات اليمنية في جنيف في أقرب فرصة ممكنة".
وبالإضافة إلى ذلك، أعرب بان كي مون عن قلقه من تصاعد الضربات البرية والجوية منذ انتهاء الهدنة الإنسانية، ومن تفاقم الأزمة الإنسانية، بما يؤكد الحاجه إلى التعاون من أجل استئناف الحوار بين أصحاب المصلحة محلياً وإقليمياً ودولياً. وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أكدت أمس أن حوالي ألفي شخص لقوا مصرعهم وأصيب ثمانية آلاف، بينما دخل الصراع أسبوعه العاشر. وكان حوار جنيف قد تقرر عقده في الـ28 من مايو/أيار الجاري، لكن تم تأجيله إلى موعد لم يتم تحديده بعد.
اقرأ أيضاً اليمن: تأجيل جنيف لن يطول... والرياض لا تفاوض الحوثيين
مفاوضات مسقط
بدورها، أقرّت حركة "أنصار الله" اليمنية المعروفة إعلامياً باسم الحركة الحوثية، بوجود وفد يمثلها في مسقط ويجري مباحثات سياسية هناك.
وكانت مصادر خاصة لـ "العربي الجديد" في الرياض، قد كشفت الأسبوع الماضي، أن الوفد الحوثي القادم من صنعاء يستعد للتوجه بعد التوقف في مسقط إلى جنيف؛ لحضور مؤتمر حوار بين القوى السياسية اليمنية قبل أن يتم الإعلان عن تأجيله.
اقرأ أيضاً: لقاءات مسقط الأميركيّة الحوثيّة بلا الشرعية "تمهيدية"
قال المتحدث الرسمي باسم الحركة، محمد عبد السلام، في بيان نشره في صفحته على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، أوضح فيه أن وجود الوفد الحوثي في مسقط يأتي في إطار اللقاءات المستمرة بسلطنة عمان، ويتم فيها "التباحث حول الكثير من المسائل المتعلقة بالعدوان على اليمن، وتبادل الآراء ومقترحات الحلول ووجهات النظر".
وفي تلميح إلى وجود ممثلين للولايات المتحدة، وربما لدول أوروبية يتباحثون مع الحركة الحوثية، قال عبد السلام إن المباحثات تُجرى مع "أطراف دولية وإقليمية"، ويعتقد أن الطرف الدولي "أميركي"، وإلا لكان ذكره المتحدث الحوثي، لا سيما أنّ الحركة لا تنحرج من أي لقاءات أوروبية، غير أنّها تخفي عادة اللقاءات السرية التي تُجرى مع الأميركيين.
وبالنسبة للجهة الإقليمية التي ذكرها البيان، فيرجح أنها السعودية أو إيران أو كلاهما معاً. إذ إنه على الأرجح لا يقصد العمانيين كطرف إقليمي، فقد أوضح أن الحوار يُجرى بإشراف "الأشقاء في سلطنة عمان".
وقال عبد السلام حول ذلك: "وقد لمسنا حرص القيادة العمانية على إحلال السلام والأمن والاستقرار، ودعم الإغاثة الإنسانية والحلول السلمية، والجهود الدولية ذات الصلة برعاية الأمم المتحدة". غير أنه لم يتطرق في تصريحه بالنفي أو التأكيد للأنباء التي أشارت إلى موافقة الحوثيين على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، بشأن اليمن الذي يفرض عليهم الانسحاب من عواصم المحافظات اليمنية التي اجتاحوها وتسليم أسلحتهم الثقيلة للدولة.
وتزامن وجود الوفد الحوثي الذي يعتقد أنه برئاسة محمد عبد السلام نفسه مع تطورات ميدانية، سقطت خلالها مدينة الضالع بأيدي "المقاومة الشعبية" اليمنية الجنوبية. وبما أن قوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح هي التي كانت تهيمن على الضالع بشكل رئيسي، بإسناد من مليشيات الحوثي، فقد فسر مراقبون يمنيون ذلك بأنه قد يكون ناجماً عن قرار اتخذه صالح بسحب لواء عسكري تابع له من الضالع، بغرض توجيه رسالة سياسية للحوثي يعبر فيها عن غضبه من الحوار الدائر في سلطنة عمان بدونه.