"ثورة غلابة" ضد أزمات المعيشة في مصر

09 سبتمبر 2014
الأزمات المعيشية دفعت المصريين إلى التظاهر(العربي الجديد)
+ الخط -

عمّت معظم محافظات مصر تظاهرات، وتحولت الشوارع الرئيسية إلى ما يشبه الثكنات العسكرية، في محاولة لتطويق غضب الجماهير، التي استجابت لدعوة حركة "ضنك" تحت شعار "ثورة الغلابة"، ولوحظ أن معظم المظاهرات كانت في مناطق الريف المصري، في الوجهين القبلي والبحري، التي يعاني مواطنوها الفقر والبطالة.

وأعلنت حركة "ضنك" عن اعتقال قوات الأمن المصرية نحو 60 مواطنا وناشطا على خلفية مشاركتهم في مظاهرات "ثورة الغلابة".

في محافظة الجيزة، نظمت حركة "نساء ضد الانقلاب" سلسلة بشرية في الحي الخامس، في مدينة 6 أكتوبر، غرب القاهرة، بمشاركة أولتراس بنات ثورة، ضمن فعاليات "ثورة الغلابة"، للتنديد بسوء الأحوال المعيشية، التي يعاني منها المواطن المصري بسبب فشل سلطات الانقلاب في توفير حياة كريمة له.

وهتفت المشاركات بعض الهتافات، من بينها "غلّو السكر غلّو الزيت.. حكم العسكر خرب البيت"، " ياللي ساكت ساكت ليه؟.. جبت مولّد ولا إيه؟"، ورفعن لافتات تطالب برحيل النظام العسكري، وتندد بغلاء الأسعار، وتفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وأزمة الحصول على رغيف الخبز.

وفي منطقة الهرم في الجيزة، جنوب القاهرة، نظمت حركة "ضنك" وقفة أمام مديرية التموين، تنديدًا بالحالة الاقتصادية الصعبة وسوء جودة السلع التموينية، ورفع المشاركون في الوقفة لافتات تطالب برحيل قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، الذي يطبق العديد من السياسات الاقتصادية والأمنية والسياسية، التي من شأنها تجويع الشعب المصري وزيادة معاناته.

وفي منطقة الوراق، في عرب الجيزة، خرجت مسيرة تندد بغلاء الأسعار واستمرار انقطاع الكهرباء، واعتدت عليها قوات الأمن، التي أطلقت الأعيرة النارية وقنابل الغاز، لتفريق المتظاهرين والسيطرة على الأوضاع.

وفي الإسكندرية، شمال مصر، نظمت حركة "ضنك"، بمشاركة ثوار وأهالي المدينة، مسيرات شعبية ووقفات احتجاجية، وشهدت منطقة الرمل مسيرة حاشدة بكوبري الناموس، طافت شوارع الرمل حتى شارع الترعة المردومة، مرورًا بشارع مصطفى كامل.

كما تجمع شباب حركة "ضنك" داخل قطار أبو قير، وأمام المحطة في منطقة غبريال، ورددوا هتافات ضد السيسي، وضد ارتفاع أسعار المواد الأساسية، كما شهدت شوارع المنتزه وسيدي بشر والمندرة مسيرات حاشدة، وكذلك نظم ثوار برج العرب والعامرية مسيرات حاشدة طافت شوارع المنطقتين تحت شعار "ثورة الغلابة".

وفى الغربية، انطلقت مسيرات حاشدة نظمتها حركة "ضنك" في عدة مدن، منها قطور وزفتى وكفر الزيات، ومن بين الهتافات التي رددوها "قولي يا سيسي بتاكل إيه؟ .. كيلو اللحمة بـ 70 جنيه"، و"ضحكوا علينا وقالوا حرية، والعيشة ضنك زيّ ما هي".

وفي البحيرة، شمال مصر، نظمت حركة "ضنك" سلسلة بشرية في مدينة النوبارية، على طريق أبو المطامير 71، شارك فيها العديد من الشباب والفتيات، رافعين شارات سوداء تعبيرا عن الحالة السيئة، التي وصل إليها الاقتصاد المصري.

وفي الدقهلية، استجاب مواطنو قرية "منية سندوب" لدعوة حركة ‫‏"ضنك" ونظموا عدة سلاسل بشرية نددوا فيها بسوء الأحوال المعيشية، كما شارك أهالي قرية "طناح" بسلاسل بشرية على طريق (المنصورة ـ طناح)، اعترضوا فيها على سوء الأحوال المعيشية.

وفي الشرقية، شرق القاهرة، نجحت حركة "ضنك" بالاشتراك مع "شباب ضد الانقلاب" في مراوغة قوات الأمن، التي فوجئت بمسيرة حاشدة في مدينة أبو كبير، وذلك بعد إلغاء الفعالية، التي كانت مقررة أمام مجلس المدينة لتواجد كبير لقوات الأمن.

وفي الإسماعيلية، شهدت المدينة سلسلة بشرية في منطقة أبو بلح، وسلسلة أخرى على الطريق الواصل بين سرابيوم وفايد.

وفي كفر الشيخ، نظمت حركة "ضنك"، في مدينة سيدي سالم، مسيرة بمشاركة أولتراس "طلاب أحرار"، وردد المشاركون "فقر وضنك وقهر وجوع... والغلبان هو الموجوع".

وفي بورسعيد، شهدت المدينة عدة فعاليات متنوعة بين وقفة ومسيرة، فانطلقت مسيرة من محيط مسجد زمزم في حي الضواحي، وأخرى من أمام مسجد البغدادي، في حي الزهور، ونظم عشرات الأهالي بالقرب من إحدى منافذ صرف السلع التموينية وقفة غاضبة للتعبير عن استيائهم من تأخر صرف السلع، واختفاء بعضها منذ عدة أشهر، ورددوا هتافات تندد بالأوضاع الاقتصادية السيئة، إلى جانب وقفتين في محيط مسجدي الصمد والحسن، رفعوا خلالهما لافتات تؤكد استمرارهم في الاحتشاد حتى تحقيق مطالبهم في توفير حياة كريمة.

أما في صعيد مصر، فقد شهدت محافظة بني سويف مسيرتين، الأولى انطلقت في العاشرة صباحا، والثانية انطلقت بعد صلاة الظهر، من حي الشبان في مدينة بني سويف، وذلك احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ورفضا لمنظومة الخبز الجديدة، والتي تسببت في عدم حصول عدد كبير من الأهالي على حصة الخبز، حيث ردد المشاركون الهتافات المنددة بأداء السيسي وحكومته، وطالبوهما بالرحيل عن السلطة.

وفي المراغة، في محافظة سوهاج، جنوب مصر، اشتعلت سوق المدينة بالهتافات الثورية ضد السيسي وحكومته، بسبب حالة الضنك، التي وصلت إليها مصر من غلاء الأسعار، ورفع الدعم وعدم توافر البنزين والتموين، ولاقت هذه المسيرة تجاوبا من الباعة والمشترين والمارة في السوق، فتمّتْ وسط دعوات من المارة لهم مثل "ربنا يقويكم، ربنا يحرسكم ويصونكم، ربنا يفتح عليكم".

وفي الأقصر، في أقصى صعيد مصر، استجابت حركة شباب ضد الانقلاب، بالتعاون مع تحالف دعم الشرعية في مدينة إسنا، لدعوة "ضنك"، وتم تنظيم سلسلة بشرية ممتدة على الطريق الزراعي الغربي، أكد خلالها المتظاهرون استمرار فعالياتهم السلمية حتى إسقاط الانقلاب العسكري متضامنين في الوقت ذاته مع الثوار في كل أنحاء مصر.

كما طالبوا بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، ومحاكمة قتلة الثوار، وحمل المشاركون لافتات وشعار الحركة، وسط ترحيب من المارة والأهالي والبائعين.

يذكر أن ثلاثة من محافظة السويس دشنوا ما أسموه حركة "ضنك"، والتي وصفوها في مقطع فيديو، قاموا بنشره على موقع "يوتيوب"، بأنها حركة اجتماعية ثورية، ضد الجوع والفقر والأمراض، وتوعدت الحركة بأنها مستمرة في ثورتها حتى النصر، وتحقيق مطالبها العادلة.

ومن جانب آخر، نفى إسلام المسلماني، منسق عام حركة "ضنك"، انضمامه إلى أي فصيل سياسي، مؤكدًا أنه يمثل حركة سلمية غاضبة من الأزمات، التي تشهدها الدولة، مثل الكهرباء وارتفاع الأسعار.

من جانبه عوًل الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، سامح راشد، على "نجاح حركات الاحتجاج السياسي مثل "ضنك" و"6 إبريل" وغيرها وما تطلقه من حملات في ممارسة ضغوط على السلطة الحاكمة وإجبارها على تنفيذ إصلاحات معينة لاسيما بعد تراجع دور الأحزاب الهشة التي لا تمتلك أي حاضنة شعبية".

وقال راشد، في حديث لمراسل "العربي الجديد"، إن "السياسة في مصر لم تعد سياسة أحزاب أو تنظيمات إنما أصبحت سياسة حركات ومجموعات احتجاجية تخاطب احتياجات الجماهير وترفع مطالب تعبر عن همومهم ما دفعهم للالتفاف حولها وتأييدها بعد عزوفهم عن الأحزاب".

وتابع "هذا ما فعله حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، باقترابه من هموم الناس في بعض الأحيان، وهو نفس ما فعلته حملة "تمرد" التي طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ما انتهى بعزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز قبل الماضي".

لكنه أكد أن "فرص نجاح حركة "ضنك" مقيدة، مُقارنة بحركة "تمرد" التي حظت بتسهيلات كبيرة؛ حيث تواجه صعوبات أمنية تعرقل نشاط أعضائها لكنها تبقى المسار الأكثر اقترابا من الشارع والأقل اتهاما بارتكاب أعمال العنف".

وعن اختيار ناشطي "ضنك" "ثورة الغلابة" شعارا لتظاهرات أمس الثلاثاء، قال الخبير السياسي، إن "الحركة حاولت الاقتراب من هموم ومعاناة قطاعات عريضة من الجماهير جراء القرارات الاقتصادية الأخيرة، إلا أن للشعار مردود سلبي تمثل في استفزازه وزارة الداخلية".

ودعا راشد ناشطي "ضنك" لتفعيل دعوتهم للتظاهر بعمل "سيسي ميتر" على غرار "مرسي ميتر" الذي فعله معارضو مرسي، لرصد ما نجح أول رئيس بعد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، في إنجازه وما فشل فيه، وما تحقق من وعوده ومن برنامجه الرئاسي وما نكص فيه وكشفه للرأي العام".

وعزز وجهه نظره قائلا إن "هذا سيسكب الحركة مصداقية وشعبية لدى المواطنين فخطابها الإعلامي لن يكون مجرد شعارات وانتقادات مرسلة بل يكشف فشل السيسي بالأرقام ويقدم حلولا للمشكلات وسيؤتي ثماره على المدى البعيد".

المساهمون