"تقدمي" و"رجعي": دورة الانقراض

17 يونيو 2017
جان مارك نحاس/ لبنان
+ الخط -

أنظر حولي في بلاوي الدنيا، وأتذكّر.

كأيّ أُصوليين، نشأ وعيُنا في سبعينات القرن الماضي، على أن العالم مقسّمٌ إلى "فسطاطَين": تقدمي ورجعي.

ما إن مرّ نحو عقدٌ زمني على ذلك، حتى خرجت مبكراً من القسمة الضيزى، لأسبابٍ ليس هنا المقام لتفنيطها.

دارت الدورة، وانقرض المصطلحان، لِيُستبدلا بمصطلحات لا تمت لهما بعرْقٍ دساس، حتى لم نعد نسمع اليومَ، بأحدٍ يذكرهما ولو عَرَضاً في حديث ذكريات.

الجيل اللاحق لنا، لا يعرف شيئاً عن ظروف نشأة المصطلحين ورواجهما، ولا كيف انقرضا. ولو سمع فلا يعنيه، تماماً مثلما لا يعنينا نحن التنقيب عن أسباب انقراض الديناصور مثلاً.

دارت الدورة، ووجدت نفسي في الجانب الآخر من المتوسط، في بيئة هي كذلك لا علاقة لها بالمصطلحين التليدين. إنها بيئة استقرَّ وضعُها على القول فحسب: يمين، يمين وسط، يسار... إلخ.

الآن أفكر ـ ولعلي معذور ـ أن التقدمي في منطقتنا مات وشبع موتاً، في جدل الموضوعي والذاتي، لكن الرجعي ما يزال يفعل فعله، وينحو نحو المزيد من الرجعية الفكهة السافلة، التي لا ترعوي عن كبائر.

مات التقدمي فينا، غير مأسوف عليه من قبل كثيرين، فمتى يموت الرجعي غير مأسوف عليه من قِبَلنا؟

المساهمون