حتى اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بقيت الفنون المعاصرة في ذيل اهتمام الوسط الثقافي، باستثناء القليل من المبادرات الشبابية التي حاولت تقديم عروض أدائية والانفتاح على أنماط موسيقية وفنية حديثة.
وبالطبع، فإن التغيير الذي ينشده المحتجّون في بنية السلطة التي تمثّلهم، وفق أسس الحاكمية الرشيدة والديمقراطية الحقيقية التي لا تقوم على المحاصصة الطائفية والمذهبية، يأمل ناشطون ومثقفون أن يتزامن مع تطوّر في البنى الثقافية التي ظلّت أسيرة خطابات ماضوية، ترى في الأدب والفنون مجرّد تعبير وظيفي وليس فعلاً مستقلاً هدفه التحرّر والإبداع.
في هذا السياق، يقيم "بيت تركيب" في بغداد عند الرابعة من مساء غدٍ الأربعاء فعالية تحت عنوان "مراجعات تشرين - 25 وجهة نظرة من الثورة"، والتي تستمر حتى الثامنة مساء، وتتضمّن معرضاً للصور والفيديو والتصميم والنحت، وقراءات شعرية، وعروضاً موسيقية.
يواصل "تركيب" أنشطته منذ عام 2015، وكان قد انطلق كمبادرة عقدت حينها تظاهرة رئيسية لها في مكان مختلف كل عام، ثم أنشأت مقرّاً دائماً في أحد البيوت البغدادية في منطقة الكرادة والتي يعود بناؤها إلى عشرينيات القرن الماضي.
المشروع الذي يحتضن ورش مسرحية وعروض موسيقى ومعارض رسم وفوتوغراف وتصميم وإدارة مشاريع فنية على مدار السنة، وضع في مقدمة أهدافه "إيجاد الروابط بين حقول الفنون المتنوعة، واستثمار إمكانية الاتصال بين مبدعيها وبين الجمهور العام من خلال التحكم بالحدود بين الفن والحياة اليومية، واكتشاف فضاءات حوار ثقافية واجتماعية جديدة نابعة من الأسئلة الملحّة في الحياة العراقية".
واليوم، يصبح هذا الهدف أكثر ضرورة مع انطلاق الحراك الذي يستمر منذ قرابة ثلاثة أشهر، ما يستدعي ضرورة التفكير في الأسئلة التي باتت أكثر ألحاحاً، حيث يعرض المنظّمون عدداً من الأعمال التي نفّذها فنانون مشاركون في المظاهرات، تضمّنت صوراً فوتوغرافية التُقطت من الميادين والساحات وكتابات تتنوّع بين وصف الأحداث الجارية أو شعارات تمجّد الوطن وتتمنّى مستقبلاً أفضل.
يشير الفنان أمين مقداد، أحد المنظّمين، في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أن الفعالية تشمل مجموعة من وجهات النظر التوثيقية المختلفة لما حدث في الثورة من قبل أشخاص تواجدوا في ساحة التحرير ومواقع أخرى، مضيفاً: "ستكون العناصر الوثائقية حصرية بالمشاركين وتمثّل انطباعاتهم بأشكال مختلفة من فيديو وفوتوغراف وموسيقى ونحت ورسم ومسرح".