"بسغوت" تنشر الرعب والمعاناة في مدينة البيرة

27 مايو 2015
يشهد محيط المستوطنة مواجهات مستمرة (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت المواطنة الفلسطينية، ناهدة قرعان، من سكان مدينة البيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، صامدة في منزلها الذي لا يبعد سوى 20 متراً فقط عن الأسلاك الشائكة لمستوطنة "بسغوت" المقامة على أراضي المدينة من الناحية الشرقية، في ظل ما يتعرض له الأهالي من معاناة متواصلة منذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية في عام 1967.

وتسرد قرعان، في حديث لـ"العربي الجديد"، حكاية المعاناة شبه اليومية مع المستوطنين وجنود الاحتلال، الذين يتدربون بين المنازل الفلسطينية، ما يفرض حالة منع تجول وشل حركة تنقّل الناس، إضافة إلى نشر الرعب بأصوات القنابل الصوتية والرصاص الحي والمطاطي أو استنشاق الغاز المسيل للدموع.

وفي ظل المواجهات مع الشبان الفلسطينيين في المكان، فإن جنود الاحتلال يتعمّدون إطلاق الرصاص داخل المنازل، لبث الخوف في صفوف السكان على أمل مللهم ورحيلهم، بينما يلجأ السكان إلى تغيير خزانات المياه، أو زجاج نوافذهم بعد تهشمها بفعل الرصاص.

جنود الاحتلال والمستوطنون في "بسغوت" قتلوا وجرحوا المئات من الفلسطينيين، خلال مواجهات في محيط المستوطنة، التي تتخذها قوات الاحتلال غالباً نقطة الانطلاق في عمليات اقتحام مدينتي رام الله والبيرة، من أجل شن عمليات الاعتقال في حق الفلسطينيين.

رصاص البنادق بدا واضحاً على جدار منزل قرعان من آثار القصف الإسرائيلي إبان انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) في عام 2000، عدا اعتلاء منزل عائلة قرعان وتحويله إلى نقطة مراقبة عسكرية لرصد تحركات الشبان الفلسطينيين، وفق ما تقول ناهدة.

فيما يلجأ الاحتلال إلى وسائل لمحاولة إغراء أصحاب المنازل القريبة والتي تحدّ من توسع "بسغوت"، كالمساومة على العلاج لمن يعانون المرض والسماح لهم بدخول مستشفيات الداخل الفلسطيني، أو عرض مبالغ مالية من أجل التنازل عن بيوتهم.

اقرأ أيضاً: توسع إسرائيلي في العدوان على الملكيات الخاصة بالضفة الغربية

ويعود أصل الحكاية في إقامة مستوطنة "بسغوت" على رأس جبل يسمى جبل الطويل، الذي يخنق مدينة البيرة من جهتها الشرقية، ويحدّ من توسعها، إلى عام 1968، من خلال إقامة بؤرة استيطانية صغيرة ووضع بيوت متنقلة (كرافانات) فيها، وبدأت تتطور إلى أن أصبحت مستوطنة سكنية تحوي مصنعاً لصناعة الأدوات البلاستيكية، وتمتد على مساحة تبلغ 361 دونماً.

وسيطرت إسرائيل على جبل الطويل بعد احتلالها الضفة الغربية بنحو عام، بحجة أن ملكيتها تعود لأجانب، ما يتوجب ضمها إلى خزينة الدولة آنذاك، إذ إن أراضي جبل الطويل، وفق تصريحات القائمة بأعمال مساعد مدير بلدية البيرة للشؤون الفنية، ديما جودة، لـ"العربي الجديد"، تعود ملكيتها إلى مواطنين كويتيين اشتروها قبل احتلال الضفة الغربية من عائلات من مدينة البيرة.

وفي ظل التزايد السكاني لمدينة البيرة والبالغ عدد سكانها 86 ألف نسمة، فإن "بسغوت"، التي يقطنها نحو 1800 مستوطن، بحسب الناشط في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إبراهيم أبو هاشم لـ"العربي الجديد"، حدّت من التوسع العمراني للمدينة من ناحيتها الشرقية.

وتوضح المسؤولة في بلدية البيرة، ديما جودة، بأن الطرق الالتفافية أعاقت استخدام الطرق المحيطة بالمدينة، عدا إخطار العديد من العائلات بضرورة إخلاء منازلها، على الرغم من وجود رخص سكنية للمواطنين من بلدية البيرة، إذ إن تلك الأراضي تقع ضمن حدود البلدية، لكنها تصنف ضمن اتفاقية أوسلو الموقعة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية في منطقة "ج".

كما أعاق الاحتلال بناء استاد مدينة البيرة لقربه من المستوطنة، لكن بلدية البيرة حركّت دعوى قضائية أمام المحاكم الإسرائيلية أفضت بالاستمرار في بناء الاستاد الرياضي في عام 2009، فيما يضعف الاستثمار العقاري في المنطقة، لوجود المستوطنة التي تشكل قلقاً عند السكان.

ولا يسلم سكان البيرة من استفزازات الاحتلال حتى على صعيد دفن موتاهم، إذ تمنع سلطات الاحتلال الدفن الليلي في مقبرتي المدينة القريبتين من المستوطنة، لكن الأمر الأكثر صعوبة، حينما يستشهد أي مواطن فلسطيني بفعل رصاص الاحتلال، ليتحول التشييع إلى ساحة مواجهة.

مدينة البيرة تعرضت لانتهاكات متعددة من المستوطنين وجنود الاحتلال، منها منع إقامة محطة تنقية المياه العادمة أو الوصول إليها أو استخدام المحطة في تصريف المياه العادمة للمستوطنة من دون إذن، علاوة على إغلاق مكب نفايات المدينة بحجة وجود مشاكل بيئة، إلا أن الهدف منه كما توضح جودة هو التوسع الاستيطاني.

اقرأ أيضاً: شهيدة من جرحى غزة.. وإصابات بمواجهات في البيرة