يتحاشى سكان المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مخالفة تعاليمه التي يدعي أنها من "الشريعة الإسلامية"، ويفرضها بالقوة، وأقسى عقوباته الإعدام، خاصة بداعي "الردة"، التهمة التي ترعب السكان وتنفذ بطرق ووسائل بشعة.
ويشدد "داعش" على الأهالي تعاليمه، وبرغم أن أحكام الشريعة الإسلامية تتساهل في كثير منها، إلا أن التنظيم يطبق عقوبات قاسية، على أبسط التهم، فالإساءة بالكلام على التنظيم أو خليفته "البغدادي"، مصير صاحبها الإعدام.
و"الردة" مصطلح إسلامي، يشير إلى ترك الإسلام بعد الدخول فيه أو يكفر به، إلا أن التنظيم بات يستخدم هذه التهمة لتصفية معارضيه، في تصرف يشبه الى حد كبير تصفية الأنظمة القمعية معارضيهم بتهمة الخيانة أو التآمر.
ويلجأ "داعش" باستمرار إلى تطبيق إعدامات بناءً على تهمة "الردة"، وبحسب مواطنين شهدوا عدداً من الحالات، قبل هروبهم من سلطة "التنظيم"، فإن الأخير لا يتسامح مع من يسمهم "مرتدين"، وإن كانوا يجهلون ما قاموا بفعله أو نطقوا به.
اقرأ أيضاً جرائم "داعش" في سورية: دراسة توثّق قتل 1607 أشخاص
يقول كامل غضبان، وهو شاهد عيان على حادثة إعدام صديقه؛ بسبب رفضه الصلاة خلف إمام المسجد، بحي الدواسة في الموصل، لـ"العربي الجديد"، أن صديقه قال "كيف لي أن أصلي خلف هذا اللص، الذي كان الناس يحذرونه لخفة يده في السرقة ثم صار أميراً وإمام مسجد".
ويروي غضبان أن "دوريات الحسبة" وهم عناصر أمنيون يتبعون لـ"داعش" سمعوا حديثه، وألقوا القبض عليه، وبعد يوم واحد تم إعدامه، بعد اعترافه بقوله، ووصول الخبر إلى "إمام" المسجد المقصود، الذي أشرف بدوره على تنفيذ الإعدام، بداعي الردة عن الشريعة الإسلامية.
تنظيم "داعش" وبحسب سكان المدن التي يسيطر عليها، يعمد بعد كل عملية إعدام تنفذ بحق أشخاص بتهمة "الردة" إلى نشر الخبر بين سكان المدينة، وهو ما فعله حين أعدم عدداً من العوائل في مدينة الرمادي "غرب العراق" قبل أن يتم تحريرها، مطلع العام الحالي.
يقول عبد الستار نصيف، 36 عاما، لـ"العربي الجديد" إن دوريات من عناصر داعش، كانت تطلق عبر مكبرات الصوت، أنهم أعدموا "عائلة أثناء محاولتها الهرب من أرض الخلافة الإسلامية، هكذا كانوا يرددون كلما قتلوا عائلة أو أشخاصا، ويحذروننا من أن محاولة الهرب تعني الردة وأن عقوبتها الإعدام، لكل فرد وإن كان طفلاً رضيعاً".
اقرأ أيضا الكونغرس يصنف جرائم "داعش" في خانة "الإبادة"
ويواصل نصيف حديثه: "كان ذلك التحذير يرعبنا، الجميع كانوا يخافون على مصير عوائلهم، وهو ما يدعوهم لعدم الفرار حتى إن سنحت لهم فرصة للهرب".
ويؤكد سكان تلك المناطق أن عناصر "داعش" ممن يعتنقون فكر "التنظيم" لا يتوانون بالإبلاغ عن أي شخص حتى إن كان من ذوي القربى، في حال يرونه خالف منهجاً يفرضه "داعش" على السكان.
يقول نوفل عبد العزيز، الذي يسكن مدينة أربيل فيما يسكن بعض أقاربه الموصل، إن "أحد أشقائي ويسكن الموصل قتل بتهمة الردة؛ كونه اتهم ابن عمي الذي انضم إلى داعش بأنه ارتكب ذنباً كبيراً لموالاته للتنظيم، وأن داعش تنظيم إجرامي".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "تلك النصيحة أغضبت ابن عمي الذي أخبر بدوره أميره بالتنظيم، وتم إعدام شقيقي بتهمة الردة"، مشيراً إلى أن "شهادة عنصر واحد من عناصر داعش تكفي لإدانة أي شخص".
وتعتبر الأحكام القاسية التي يفرضها "داعش" على سكان المناطق التي يسيطر عليها، أحد الأساليب التي يعتمد عليها التنظيم في ترويع السكان للسيطرة عليهم، كما أنه يتخذ من قطع اليد والجلد والسجن عقوبات لتهم مختلفة.