"الاستقلال" والعودة

14 مايو 2016
من مسيرة العودة في النقب (العربي الجديد)
+ الخط -
دأب الفلسطينيون في الداخل، منذ 19 عاماً، على تسيير مسيرة، يشارك فيها الآلاف، كل عام، إلى قرية من بين 480 قرية فلسطينية هجّرتها العصابات الصهيونية المختلفة في حرب النكبة عام 1948، لينهوا بذلك "جدلاً" مفتعلاً وخبيثاً كان يبثه اليسار الإسرائيلي، ومن يراهن على اختراق المجتمع الإسرائيلي، بشأن الولاء الفلسطيني في الداخل للدولة الإسرائيلية، ومظاهر ذلك من احتفال بـ"الاستقلال" الإسرائيلي، كان يُفرض في سنوات ما قبل احتلال 1967 على الفلسطينيين في الداخل، بأمر الحكم العسكري ورجالات السلطة.

قدّمت مسيرات العودة الفلسطينية، قبل 19 عاماً، التي تنظمها جمعية المهجرين في الداخل، مع انطلاق المد القومي العروبي، آنذاك، ممثلاً بتأسيس "التجمّع الوطني الديمقراطي"، بقيادة عزمي بشارة، وبنهوض "الحركة الإسلامية الشمالية"، جواباً عربياً فلسطينياً واضحاً لإسرائيل، ولكل من راهن في صفوف الفلسطينيين في الداخل والمنافي وفي مواطن اللجوء، بعد اتفاق أوسلو، على اعتماد "حجر الزاوية الذي رفضه البناؤون" ألا وهو قرار التقسيم التاريخي المجحف والغطاء الأممي لنكبة فلسطين.

منذ 19 عاماً وجد الفلسطينيون حلاً، وطنياً وقومياً، يمكّنهم من "اجتياز" أسبوع الاحتفالات الإسرائيلية وأسبوع المراسم الرمزية، بدءاً من مراسم ضحايا الهولوكوست وحتى مراسم البكاء على جنود الاحتلال الذين قتلوا في المعارك الأولى لاحتلال فلسطين، سواء كانوا جنوداً أمميين وشيوعيين قاتلوا تحت لواء الهاغانا العُمالية، أم من أفراد عصابات الإيتسيل والليحي التابعة لتيار الصهيونية التنقيحية بقيادة زئيف جابوتنسكي. لم تعد مراسم "احتفالات إسرائيل" تمر ونحن في فلسطين الداخل، أو التاريخية، أو ربما الأصح فلسطين الأولى، نداري جراح النكبة، أو نعيش مجرد حالة تضامن مع إخوتنا في الضفة وقطاع غزة، بل باتت شاهداً حياً على أننا عدنا شعباً كامل الوعي بتاريخه وبنكبته: هي نكبتنا نحن أيضاً وليس فقط نكبة مَن في الضفة والقطاع والشتات. اللاجئون بيننا أيضاً، يدفنون خارج قراهم داخل الوطن، وأبناؤهم يحملون الحلم، حلم العودة لنا، إلى قرانا المهجرة وبيوتها المغتصبة، كما يحملون حق عودتنا إلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، وكل هذا لا يكون بدون استقلال، ولكن أيضاً لن يكون استقلال بدون هذه العودات وبدون عودة الفصائل والقيادات وأولها منظمة التحرير إلى حضن شعبنا وأحلامه وآماله.
المساهمون