بعد اجتماعات دامت أياماً عدة، أعقبت الاجتماع الخلافي الأخير، أعلنت الكتل المكونة للائتلاف السوري المعارض توصّلها إلى اتفاق بشأن مجمل القضايا الخلافيّة والمتعلّقة بتشكيل الحكومة والقوانين الداخلية الناظمة لعمل الائتلاف، وعلاقته مع الحكومة المؤقتة، وتمثيل المجلس العسكري.
وتوافقت الكتل، بموجب الاتفاق الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، على تشكيل لجنة فنيّة من أصحاب الكفاءة والاختصاص (قضاة ومحامين)، تقترحها الهيئة الرئاسيّة وتقرّها الأمانة العامة، تتولى إعادة صياغة كافة الأنظمة والقوانين والعلاقات الناظمة للائتلاف والمؤسّسات التابعة له (الحكومة المؤقتة، ووحدة تنسيق الدعم، والقيادة العسكريّة العليا)، على أن تكون اللجنة من خارج الائتلاف.
وتمّ التوافق على أن يستكمل رئيس الحكومة المؤقتة تشكيل حكومته، بترشيح نائب له وبقية أعضاء حكومته في وزارات: المالية والعدل والطاقة والثقافة، وذلك بالتشاور مع كل من كتلة المجلس الوطني الكردي، وكتلة التوافق الوطني، والكتلة الديمقراطية، وكتلة المجالس المحلية، على أن يلتزم جميع أعضاء الهيئة العامة للائتلاف، بمنح الثقة للحكومة المؤقتة.
ويقضي الاتفاق أيضاً بتشكيل لجنة تنفيذيّة مؤلّفة من سبعة أعضاء من ممثلي كتل الائتلاف السبعة وهي: التجمع الوطني، وكتلة التوافق، والمجالس المحلية، والكتلة الديمقراطية، والمجلس الوطني الكردي، والكتلة التركمانية، وكتلة الأركان العسكرية، على أن تتولّى مهمة إعادة هيكلة المجلس العسكري الأعلى والنظر في عضوية أعضائه، خلال ثلاثين يوماً من تاريخه، بالتشاور والتنسيق مع كافة القوى الثوريّة والمجلس العسكري الأعلى وهيئة الأركان العامة. كما أنّها تتخذ قرارها بالتوافق، ويكون ملزماً للائتلاف.
وفي حال لم تتمكن هذه اللجنة من استكمال عملها، قبل اجتماع الهيئة العامة، يتمّ الاكتفاء بمن جرت تسميتهم، ويقوم أعضاء الهيئة، من أعضاء المجلس العسكري الجدد، بإعادة تسمية ممثلي هيئة أركان المجلس العسكري في الائتلاف، ومن ثم تستكمل اللجنة بعد ذلك المجلس العسكري خلال المهلة الممنوحة لها.
كما تضمن الاتفاق إقرار التعديلات الواردة على النظام الأساسي، وإقرار النظام المالي، وإقرار إصلاحات وحدة تنسيق الدعم، وإقرار العلاقة الناظمة بين الائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة، مع إبقاء كلّ ما يتعلق بالشؤون الخارجية والسياسية والدبلوماسية ضمن صلاحيات الائتلاف.
وفي سياق متّصل، يرى عضو الهيئة السياسيّة للائتلاف، خطيب بدلة، أنّ الاتفاق "بداية عهد جديد من العمل الجاد لتصحيح الاختلالات التي شابت عمل الائتلاف خلال الفترة الماضية". ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الآليّة التي وضعت لحلّ الخلافات داخل الائتلاف مناسبة وعملية"، متمنياً على "الجميع الالتزام بها، إنقاذاً لمكانة الائتلاف وسمعته التي تضررت كثيراً في الفترة الأخيرة، سواء لدى الشعب السوري، أو على الساحة الإقليمية والدولية، ما أثر سلباً على مصداقيته، بوصفه الممثل الشرعي للسوريين"، على حدّ تعبيره.
ويرى بدلة أنّ "الخلافات التي عصفت بالائتلاف أساءت إلى قضية الثورة السورية"، ويضيف: "خلال الشهرين الماضيين، وبسبب تفاقم الخلافات، كان هاجس الاستقالة يسيطر على عدد من الأعضاء، وأنا منهم".
وفي موازاة دعوة عضو الائتلاف برهان غليون، الذي نأى بنفسه عن الخلافات الأخيرة داخل الائتلاف، إلى "إلغاء كافة الكتل داخل الائتلاف، وأن يتمثل الأعضاء بصفتهم الشخصية"، يشير مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الخلافات داخل الائتلاف تسببت أيضاً في توقّف مصادر تمويله". ويقول إنّ "رئيس الائتلاف هادي البحرة، وجد في خزينة الائتلاف، حين تسلمه مهامه خلفاً لأحمد الجربا، أكثر بقليل من مليوني دولار، أنفقت كرواتب ودفعات مستعجلة لبعض المناطق داخل سورية، وباتت الخزينة فارغة اليوم، ولا يوجد حتى أموال لدفع رواتب أعضاء الائتلاف هذا الشهر".
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن الإعلان، قبل أيام، عن تشكيل "مجلس قيادة الثورة" في سورية، والذي يضم نحو مائة فصيل عسكري داخل البلاد، والذي قال إنه سيكون له تمثيل سياسي ومدني أيضاً، ربما يكون قد شكّل حافزاً لأعضاء الائتلاف، لتسريع توافقهم، خشية أن تتدهور مكانة الائتلاف أكثر، ما يسهّل على المجلس الجديد، انتزاع التمثيل السوري منه.
وكان البحرة، قرر في اجتماع الهيئة العامة، الذي عقد الشهر الماضي (22-23 نوفمبر/تشرين الثاني)، إلغاء جميع القرارات المتخذة، ممن سماهم "بعض أعضاء الائتلاف" مُحيلاً الطعون المتعلّقة بنتائج انتخابات رئيس الحكومة المؤقتة، أحمد طعمة، إلى لجنة تحقيق مستقلّة.
كما قرر البحرة "إلغاء كلّ القرارات المتخذة من قبل البعض من أعضاء الائتلاف خارج نطاق الشرعيّة، وخلافاً للنظام الأساسي والجلسات المعتمدة في الائتلاف، وإلغاء كافة آثارها ونتائجها القانونيّة، والدعوة إلى اجتماع هيئة عامة طارئة في الثالث من الشهر المقبل". وبرزت خلافات كبيرة داخل الائتلاف تتعلق خصوصاً بتعديل المجلس العسكري، وعدم حضور كتلة الأركان للاجتماع، باعتبار أن حضور أعضائها البالغ 15 شخصاً، يُعتبر مرجّحاً في أية عملية تصويت.