أثار قتل جورج فلويد قبل أشهر ثم جاكوب بليك مؤخراً احتجاجات عمّت الولايات المتحدة رفع المتظاهرون خلالها شعارات لمراجعة تاريخ البلاد بأكمله، وبرزت في الوقت نفسه العديد من الإصدارات التي تقارب التمييز العنصري من زوايا مختلفة، وتعيد طرح حوادث ومحطّات لم تمح من الذاكرة الأميركية.
"أنا واستعلاء البيض: محاربة العنصرية، وتغيير العالم، وأن تصبح سلفاً صالحاً" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للكاتبة البريطانية من أصول أفريقية ليلى سعد عن "منشورات سورس"، ويتناول قضايا العِرق والهوية والقيادة والتحوّل الشخصي والتغيير الاجتماعي، بتقديم الباحثة الأميركية روبن دي أنجيلو.
يفكك الكتاب "التفوّق الأبيض" من خلال فهم السياقات الثقافية والاجتماعية والتاريخية
تتناول المؤلّفة مجموعة محاور أساسية مثل اختبار امتياز الأبيض من خلال الاعتقاد بأن الثقافة والقيم والأعراف البيضاء هي المركز الطبيعي للعالم، وتعريف التحالفات عبر الثناء الخاص الذي يسعى إليه بعض الأشخاص البيض لعدم كونهم عنصريين، ومناهضة السواد والقوالب النمطية العنصرية والهيمنة الثقافية، وكيفية تغيير الطريقة التي تنظر بها إلى العرق وتستجيب له، وكيف تستمر في العمل من أجل خلق التغيير الاجتماعي.
تفكّك سعد "التفوّق الأبيض" من خلال فهم السياقات الثقافية والاجتماعية والتاريخية للظاهرة، حيث تقتبس رسالة بعثتها مارتن لوثر كينغ من سجن برمنغهام يتحدث فيها عن إحدى أكبر العقبات التي تعترض التقدم متمثلة في الواقع الأبيض المعتدل الذي لا يرى نفسه على أنه المشكلة. لكن من خلال صمتهم، من خلال تقاعسهم، من خلال قول "انتظر"، فإنهم في الواقع يدعمون سيادة البيض.
يقسّم الكتاب كدليل مدته ثمانية وعشرين يومًا موزّعة على أربعة أسابيع ويستهدف القراء البيض بالدرجة الأولى، حيث يناقش الأسبوع الأول "الأساسيات" ويتضمّن مفاهيم مثل هشاشة اللون الأبيض، والثاني "مكافحة السواد، والصور النمطية العنصرية والتصنيف الثقافي" الذي يغطي مواضيع الافتخار والاعتزاز بلون البشر وكيفية تشكّلها ووسائل مقاومتها، ويبحث الفصل الثالث "التحالف" العمل الفردي والمواقف التي يمكن أن يتبناها البيض، أما الفصل الرابع "القوة والعلاقات والالتزامات"، فيواصل طرح أسئلة حول التغيير.
الكتاب الذي صدر في كانون الثاني/ يناير الماضي، تقدّم خلال شهر قائمة الإصدارات الأكثر مبيعاً سواء في الكتب الورقية أو الإلكترونية، لكنه عاد إلى الواجهة مع اندلاع الاحتجاجات في أيار/ مايو بعد مقتل فلويد، وحظي بالعديد من المراجعات النقدية باعتباره مؤلّفاً مهماً يزوّد الباحثين بأدوات خوض أي نقاش حول مكافحة العنصرية، وكيفية تعرّف الفرد الأبيض على العديد من سلوكياته الخفية والتي نشأ عليها منذ المدرسة.