تحت عنوان "أمشُق 48"، يتواصل معرض الفنان مصطفى الحُسيني، في غاليري "مشربية للفن المعاصر" حتى 18 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
هذا هو المعرض الفردي الأول للحسيني، الذي شارك في تأسيس مجموعة "كتائب الموناليزا" عام 2014، وفي عدد من المشاريع الثقافية التنموية مثل "ناس أرض اللواء".
معظم الافكار الخاصة بالأعمال الفنية للحسيني تتمحور حول نسب تشريح الحيوان والإنسان والجمع بين النسب التشريحية والخرائط الافتراضية التي تتبع مسار حياته وحياة أجداده.
يقول الفنان عن "أمشق 48"، المرتبطة بما يطلق عليه "سلسلة الإمام الشافعي"، إن سفح المقطم قرافة صغرى "تمتد من شارع صلاح سالم حتى مشارف جامع بن طولون وهي منطقة صعب الوصول إليها إذ أنها محصورة بين قبة الإمام الشافعي وسفح المقطم وهي معروفة بمقابر الإمام الشافعي أو تُرب الإمام حالياً".
ويضيف "منذ آخر محاولات لتذكّر صورة أبي -الذي طالما تذكرته في هيئته قبل رحيله - ربما نجحت في إنعاش الذاكرة ورسم صورته من خلال تذكر حديثه في فترات حرب 1973، وأيضا من خلال حديث عمي عن تلك المنطقة التي خدم فيها أثناء فترة الثمانينيات".
ويتابع الحسيني أنه وأثناء "زيارة المقابر التي دفن بها أبي اكتشفت أنني لم أعد أتذكر أين طريق المقبرة فمنذ عام 2009 لم آتي إلى هذا المكان إلا مرة واحدة فقط، تغيّرت معالم مقابر الإمام الليثي وظهرت شواهد جديدة تحمل أرقام متوفيين لعام 2018، أتذكر تلك اللحظة التي تمنيت أن ألتقي بأبي ولو لمرة واحدة".
يتساءل الفنان "هل توجد طريقة تسمح لي بلقاء والدي؟"، ويجيب "ربما توجد طريقة تسمح بذلك. في عام 1998 فَقَد خالي البصر ورحل بعدها بأربع سنوات بسبب ممارسات السحر ومحاولات أحد الشيوخ لإخراج جن من جسده، ولطالما لم أصدّق تلك الروايات لكن هذا ما رأته عيناي في ذلك الوقت. ربما يستطيع السحر أن يجعلني التقي بوالدي مرة أخرى، بدأت بالتجوّل في مقابر الإمام الليثي على فترات متقطعة كنت أذهب في حوالي الساعة الواحدة ظهراً في الصيف، أيام الخميس والجمعة والسبت كانت أوقات مثالية للزيارة فباقي الأسبوع لا يوجد إلا ساكنين القبور، أما في الأيام الثلاثة تقل وحشة المكان ويضُج بالزوار الذين يأتون من كل مكان لزيارة القبور".
في الزيارة الأولي والثانية لم يصل الحسيني إلى مقبرة والده، "كان يوجد جدران بها أوراق مرشوقة كنت أتخيل أنها آيات قرآنية وضعها شخص ما لكن عندما فتحت الورقة كانت تلك بداية البحث".
وحول "سلسلة أمشُق" يوضح الفنان أن هناك مفاهيم "سادت في أوروبا أسّستها التلمذة الصناعية التي تعتمد على التقليد والمحاكاة دون الاهتمام بالمضمون أو الفكرة، فكان اكتساب المهارات يقود إلى مواقف أخرى مصاحبة، ساعد في ذلك العلاقة بين تعليم النظم العسكرية التي تتطلب من الإنسان تنفيذ المطلوب منه دون أحقية من إبداء الرأي أو معرفة الأسباب".
الأهداف يعلمها الكبار وهم أقدر على الرؤية من غيرهم ومن ثم الانصياع الأعمى لتحقيق الأهداف المرجوة. يتابع، "ومن ثم أصبح الإنسان آلة عليه أن ينفذ ما يُملى عليه من الأوامر، ولقد أدى ذلك إلى سيادة الفكر الأوروبي في مناطق كثيرة من العالم ومنها المنطقة العربية منذ أوائل الخمسينيات حتى الآن، مع أن الأوروبيين طوّروا من تلك الأنظمة بما يتناسب مع كل حقبة زمنية".
يكمل الحسيني إن المنطلق لفكرته "أن عقل المقاتل كصفحة البيضاء تنقش عليه الأفكار والبعد عن مناقشتها، كأنه يرسم وينقل ويحاكي طبقاً للنموذج الذي يعطيه المُعلم، في لحظة انفصال الفرد عن منظومة محاكاة الأمشٌق سيري العرض كاملاً من الخارج مدركاً الاكتمال الخالي من المضمون".