تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته.
■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
قارئي هو ذلك الكائن الأعزل الذي يجد سعادته في الانفراد بنفسه بعيداً عن الآخرين، وكشاعر أتلمّس الكثيرين ممّن يتابعونني بصمت ودأب، كما أن بصماتي واضحة في العديد من النصوص التي تُكتب الآن. وإذا أخذت مجمل أعمالي كشاعر وباحث ومترجم، فلا أظنّ أن هنالك من له اهتمام بالثقافة لم يقرأ لي كتاباً واحداً على الأقل.
■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
علاقتي مع الناشرين عموماً تشابه علاقة المزارع مع لصوص الحقل، ولي تجارب مرّة معهم دفعتني لتفضيل حماية مخطوطاتي في خزانتي بدلاً من تركها تحت رحمتهم. نعم، لدي الآن الناشر الذي أحلم به لشعري، "الدار العربية للعلوم ناشرون"، التي تصدر كتابي في غضون أسبوع وبالصورة التي أريد.
■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
أميل كثيراً لنشر نصوصي في كتب لأنها الوسيلة الأفضل لعرض تجربة الشاعر متكاملة بنصوص تشدّ بعضها بعضاً، إلا أن ذلك لا يمنعني من النشر في المجلات والجرائد في بعض الأحيان لتذكير الآخرين بأنني ما زلت موجوداً.
■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
نادراً ما أفعل ذلك، وإن فعلت فسأنشر قصائد منشورة في كتب سابقة لي. هناك لصوص نصوص عديدون لا يتوانون عن سرقة أي نص أو فكرة ونسبتها إليهم دون أن يكون لديك دليل مادي على عائديتها لك. لست ضد النشر في وسائل التواصل كنوع من الترويج والإعلان عن كتب قد صدرت سابقاً.
■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
الشعراء، ومن يريد أن يصبح شاعراً!
■ هل توافق على أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
هذا صحيح، ومردّ ذلك هو أن الشعر المترجم غالباً ما يكون ترجمات لنصوص لافتة ومؤكدة وتجارب مستجدة من عالم آخر تستحق الاطلاع عليها، عكس ما هو سائد في الشعر العربي اليوم، غثاء كثير وأصداء يردّد بعضها بعضاً دون تجارب روحية حقيقية.
■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
غنى اللغة العربية، موسيقاها وانسجامها هي أهم مزايا الشعر العربي التي لا يجري الآن الاهتمام بها كثيراً، أما أسوأ نقاط ضعفه فهي تلك التهويمات اللغوية التي جلبتها لنا جماعة مجلة "شعر" وجعلت من كل متحذلق، مشوّش الذهن يظن نفسه شاعراً كبيراً فوق مستوى الفهم. الشعر العظيم مفهوم دائماً منذ بدء الخليقة وحتى الآن.
■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
بدر شاكر السياب، فرغم كثرة الدراسات عنه والإشادة بدوره الريادي لا أعتقد أنه قد قرئ كما يجب.
■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
حركة نقدية صارمة تجعل المتطفلين "والمتطفلات" على الشعر يفكرون ألف مرة قبل نشر قصيدة واحدة وليس ديواناً.
بطاقة
شاعر وباحث ومترجم عراقي ولد في بغداد عام 1956، أستاذ الأدب العربي في "جامعة فيلنيوس" في ليتوانيا. إلى جانب كتب بحثية وترجمات، أصدر المجموعات الشعرية التالية: "الناسوت" (1987)، و"الرسم بالمدن" (1990)، و"كتاب الكتاب" (1990)، و"الهوامش والتتمات" (1991)، و"الفصوص الإسكندنافية" (1992)، و"رسائل إلى أخي" (2009)، و"يوميات السائر في نومه" (2009)، و"أوقات مع ميرو" (2010)، و"الإشادة بآخر الملوك" (2010)، و"اختراق حاجز الصوت" (2013)، و"قصائد فيلنيوس" (2015)، و"شرفة في شارع جدمينو" (2016).