X إخوان

04 ديسمبر 2014
+ الخط -

أنت إخوان؟
لأ أنا إكس إخوان.

سؤال لا يزال يتردد، والإجابة كذلك، رغم اعتبار الكثيرين منهم أنها مرحلة انتهت تماما، ولا يصح التوصيف باعتبار سابق، ولكن يثور التساؤل عنهم أحيانا، بعدما كانوا ملء السمع والبصر وحوّلهم الإعلام، هل تحولوا الآن إلى طابور خامس؟! بعدما كانوا الأكثر وعيا ونضجا من قيادتهم.

قامت الدعوة لثورة يناير في البداية على مكونات شبابية رئيسية، منها شباب الإخوان، وتشكل بعد ذلك ائتلاف شباب الثورة في قلب الميدان، وحصل الشباب أثناء الثورة، وبعد 11 فبراير على دعم، دعنا نتفق على أنه كان، "كلاميا" كبيرا من كل المكونات في المجتمع، بما فيها المجلس العسكري، الذي وصل أحد أعضائه إلى الحكم الآن، ومع مرور الوقت بدأ الدعم الكلامي يخفت، ثم تحول إلى الحديث عن معركة أجيال وسوء أدب الشباب، وانتهى بتخوينهم مع تصاعد الاحتجاجات ضد "العسكر"، ورغم كل ذلك بقي دورهم بارزا حتى الانتخابات الرئاسية الأولى، وبعد تراجع واضح تم استدعاؤهم لإدارة المشهد في يونيو 2013 ثم انتهى بالهرب أو الاعتقال أو السجن.

الصورة السابقة لا تستثني طرفا من الشباب، بمن فيهم من استمر مع الإخوان أو خرج أو فُصل، واكتمال الصورة بتوصيف تلك المجموعات التي استعصت على الترويض، والكتلة الأبرز انقسمت بين العمل الحزبي كالتيار المصري وحملة عبد المنعم أبو الفتوح، وهناك من ترك السياسة كلها.

الممارسة التي قام بها الشباب على المستوى الحزبي والحملة أظهرت قدرة معقولة في قراءة المشهد والتعاطي معه في بعض الأوقات، وكذلك أظهرت حماسة جارفة احتاجت لمراعاة "المزاج الشعبي" فدخلوا في صدام بممارستهم في أوقات أخرى، مما سهّل عملية التشويه بدعوى الاستقرار، وهي الحملة التي رعتها الدولة بوكالة "أذرعها" الإعلامية والجماعة التي تعمدت تشويه الخارجين من عباءتها.

أحد أسباب ما لاقى الثورة من فشل، وكذلك الـ X إخوان، إغفال أهمية معركة الوعي، والاغترار بالنجاح السريع للثورة في خلع مبارك، فكان الهدف واضحا والممارسة غير منسجمة مع كيفية تحقيقه، أو حتى مراعاة الآلة الإعلامية التي رسّخت معنى "ثم يهدأ ليبني الأمجاد" ورغم وضوح الغاية من تلك الحملة المضللة، إلا أن التغلب عليها كان يحتاج إلى الدهاء، لا الاصطدام مع رغبة المجتمع في البناء، وقد أمسك النظام وقتها بطرف الخيط وابتلع الشباب الطُعم.

المشكلة الثانية ما عبّر عنه أبو الفتوح أكثر من مرة، بأن هناك من انضم للحملة وحزبه بعدها نكاية في الإخوان، وهو أمر كان باديا في بعض البيانات التي كانت تخرج، أو التصريحات التي كانت تقحم الإخوان بدون مناسبة في تحميلهم سلبيات مآلات الثورة، أو وضع الدولة، وإغفال الحديث عن أطراف أخرى ساهمت ولا تزال في الحالة الراهنة، والرغبة في مناكفة الإخوان مفهومة، لما تم من إقصاء وتشويه، إلا أنها غير مقبولة ممن تصدّر للشأن العام داعيا أنه سيتجاوز الإشكالات والاستقطابات، ولكن يشهد لهم أنهم لم ينخرطوا في تحالف يستقطب المجتمع كما فعلت مجموعات شبابية أخرى.

آخر ما ساهم في تفتيت وإضعاف تلك الكتلة، الأزمة الصامتة التي جرت بعد نهاية الحملة الرئاسية وتأسيس حزب جديد بخلاف حزب التيار المصري، وأصبح الحديث بين شباب الحزب والحملة عن رغبة بعضهم في الاحتفاظ لنفسه بمكاسب، وإرادة البعض الآخر في تهميش أطراف قد تسحب بعضا من صلاحياته حال الاندماج، وقد ساهمت الأزمة في عزوف الكثير من الفاعلين عن المشاركة في أحدهما أو الاستقالة الصريحة أو المقنّعة، كما أنها رسمت صورة بأن الخلاف مع الجماعة كان في الأصل حول الممارسة الأبوية وعدم دمج تلك المجموعات في التسلسل القيادي، وبغض النظر عن صوابية تلك الصورة من عدمها فهذا ما تحقق في الأذهان.

مشكلة جيلنا أنه لم يقم بنقد نفسه بعد، وما زال في حالة نقد لسواه، وأزعم، وأنا فرد كان في الجماعة، أننا نحتاج إلى مراجعة كبيرة في ممارستنا السابقة ومآلاتها، أكثر ما أخشاه أن يثور غضب بيني وبين رفقة أحببتها بسبب انتقال النقد من الإسرار إلى الإعلان، إلا أن الحالة العامة لهذا الجيل وللبلد كذلك تستدعي رفع مساحات التكليف وفصل المودة، مع الإبقاء عليها، ولا بد من النصح، إذ إن آفة ما لاقيناه من الإخوان تكمن في عدم تقبل النصح، واعتباره عداء لا محبة.


*مصر

المساهمون