- الإجراءات القانونية لاستعادة الأملاك تتطلب موافقات أمنية، مما يجعل من الصعب منع استيلاء الضباط والشبيحة على العقارات، وفقاً للحقوقي عاصم الزعبي.
- قانون حفظ الملكية رقم 10 لعام 2018 يسمح للنظام بالاستيلاء على عقارات المعارضين، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" أكدت أن النظام يمنع النازحين من العودة واستعادة ممتلكاتهم بطرق غير شرعية.
يواجه السوريون أزمة في الحفاظ على أملاكهم لأسباب كثيرة، منها الإجراءات القانونية الطويلة والأوراق الروتينية، وتسلّط الشبيحة وعناصر قوى الأمن، لا سيما في المناطق التي شهدت عمليات تهجير قسري. بعض هذه الأملاك يقيم مستأجرون قدماء في بعضها، أو أفراد في أجهزة أمنية استولوا عليها، أو تخضع لقرارات من النظام تعتبر مالكيها خارجين عن سيطرة الدولة.
يملك عمار الحموي منزلاً في مدينة حماة، ويقيم فيه حالياً مستأجر منذ نحو 11 عاماً. يقول لـ"العربي الجديد": "أجري مفاوضات مع المستأجر لإخلاء المنزل منذ نحو عام ونصف العام، لكنه يرفض الخروج. هناك إجراءات قانونية يمكن أن أتخذها، مثل إصدار وكالة لأحد أقاربي، ثم إخراج المستأجر قانونياً. الأمر سهل من حيث المبدأ، لكن هناك عقبات، أولها أنني أقيم في تركيا، وأيضاً تعقيدات ترتبط بإصدار وكالة قانونية في القنصلية التابعة للنظام، كما أنني مطلوب، ما يعرضني لاحتمال مصادرة منزلي من الأجهزة الأمنية. لذا لا أملك سوى التفاوض مع المستأجر وإقناعه بإخلاء البيت بالتراضي". يملك محمد الجاسم، المتحدر من ريف حماة الغربي، أرضاً مزروعة بالفستق قرب مدينة كفرزيتا، ويبلغ "العربي الجديد" أن أرضه التي تبلغ مساحتها 70 دونماً صادرتها الاستخبارات الجوية.
ويذكر أيضاً: "توسطت مع الضباط الذين استولوا على الأرض لكنني لم أستطع التفاهم معهم. أشجار الفستق الحلبي كلفتني سنوات من الجهد والتعب حتى أثمرت، وفي الوقت الحالي لا يمكنني الوصول إلى الأرض لأنني نازح في ريف إدلب الشمالي، والكثير ممن عادوا إلى المنطقة بهدف استعادة أراضيهم اعتقلوا. كل ما يهمني هو الحفاظ على الأشجار لأنها تحتاج إلى عناية ومتابعة، ومن يسيطرون على الأرض لا تهمهم الأشجار".
بدوره، يقول عمرو الخالدي لـ"العربي الجديد": "تملك عائلتي شقة في حي الوعر بمدينة حمص، لكن لا نستطيع التصرف بها. أنا وأشقائي موجودون خارج سورية، والشقة مسجلة باسم والدتي، والإجراءات القانونية الخاصة بحصر الإرث طويلة وتحتاج إلى مبالغ مالية وفق ما علمته من محامين. الأمر الآخر أن بيع الشقة بعد هذه الإجراءات سيكبدنا خسارة مالية، لأن المحامين يطلبون مبالغ كبيرة، علماً أننا نحتاج إلى موافقة أمنية".
ويوضح عضو تجمع أحرار حوران، الحقوقي عاصم الزعبي، لـ"العربي الجديد"، أنه "يمكن أن تمنع السلطة القضائية الاستيلاء على الأملاك بطرق مختلفة، حتى لو كان الشخص معارضاً للنظام، إذ يستطيع أقارب المعارض الذي يقيم خارج البلد مراجعة مجالس المحافظات لتأكيد ملكية صاحب العقار. ويمكن رفع دعاوى أمام المحاكم، لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن الوكالة للمقيم خارج سورية تحتاج إلى موافقات أمنية في معظم الحالات. ومن الناحية العملية يصعب منع استيلاء الضباط والشبيحة على العقارات".
وفي شأن الخطوات القانونية لاستعادة السوريين أملاكهم، يوضح الزعبي أن "القانون يشير إلى أن الحلّ يبدأ من خلال إجراء وكالة لأحد الأقارب عبر السفارات والقنصليات السورية في البلدان التي يقيمون فيها، أو القريبة منهم، وتصديقها، ثم إرسالها إلى الشخص المعني كي ينفذ إجراءات تصديقها من سفارة البلد المرسلة منه ومن الخارجية السورية. وهناك تصديق عدلي يمكن بموجبه رفع دعوى إخلاء سكن أو عقار تجاري، وتحصل الأمور من خلال المحاكم المدنية. في العادة تحتاج دعوى الإخلاء إلى وقت قد يتجاوز ستة أشهر، وهناك استئناف للقرارات الصادرة كي يكون القرار قطعياً، وينفذ بالتعاون مع الشرطة المدنية. بعد ذلك، يمكن أن يؤجر حامل الوكالة العقار بعقود سنوية أو بحسب الاتفاق، والبيع يحصل بالطريقة نفسها، لذا لا بدّ من وجود وكالة".
يضيف الزعبي: "الحماية من الاحتيال يجب أن تحصل استناداً إلى الوكالة التي يفضل أن تكون خاصة بالعقار الذي يجب إخلاؤه من السكان أو بيعه أو تأجيره. أيضاً، تتطلب الحماية من الاحتيال مصادقة البلدية على أي عقد إيجار أو من السجل العقاري في حالة البيع، أو من المحكمة البدائية المدنية في حال البيع بموجب إقرار قضائي، وهذا الأسلوب هو الأكثر شيوعاً، خاصة بالنسبة للعقارات الزراعية التي لا تزال غير مفرزة. تعرض قانون حفظ الملكية الذي يحمل الرقم 10 وصدر عام 2018، لانتقادات كثيرة لأنه يسمح باستيلاء النظام على عقارات يملكها معارضون. وجرى تطبيق ذلك من خلال وضع إشارات حجز على هذه العقارات".
وفي تقرير أصدرته عام 2018، أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن حكومة النظام السوري تمنع بطريقة غير شرعية السكان النازحين من مناطق كانت تحت سيطرتها من العودة أو استعادة ممتلكاتهم.