الاختبار

18 ابريل 2016
(راؤول براسكا)
+ الخط -


"حين تُسقطُ هذه الشجرة ساعتها فقط ستكون ابنتي لك"، قال الساحر. نظر الحطّاب إلى ساق الشجرة الرشيق وابتسم وهو معتدٌ بنفسه.

ضربة الفأس الأولى، ممتازة، خطّت علامةً طفيفة على الجذع. الضربة الثانية في الموضع ذاته بالكاد عمّقت الجرح. بعد حلول الليل بفترة ليست بالوجيزة سقط الحطّاب بعد أن غلبه التعب.

استراح إلى غاية طلوع الشمس واستأنف عملية الضرب بالفأس طيلة النهار. وهكذا يوماً بعد يوم. الجرح كان يتعمّق لكن في الآن ذاته كان الجذع يكبرُ ويتّسع أكثر.

مرّ زمن وأصبحت الشجرة وارفة، وفقدت الفتاة شبابها وجمالها. كان الحطّاب يرفع عينيه أحياناً صوب السماء. لم يكن يعرف أن الساحر كان يحْضر الرياح الشديدة، ويغيّر مسار الصواعق ويبعد القوارض التي تنخر الخشب.

شَابَ شعر الفتاة بينما هو استمر في تسديد ضربات فأسه للشجرة. لم يعد يفكّر فيها تقريباً. شيئاً فشيئاً نسيها بشكل تام. ويوم فارقت الفتاة الحياة لم يبد له يوماً مغايراً عن سابقيه.

الآن وقد أصبح شيخاً، ما يزال يواصل نزاله ضد الجذع الهائل. لم يعد يخطر بباله القيام بشيء آخر: صمت الفأس قد يرعبه.

*Raúl Brasca كاتب وناقد أرجنتيني ولد سنة 1948 في العاصمة بوينوس آيريس. يعد من بين أهم كتّاب القصة القصيرة باللغة الإسبانية. من مجاميعه القصصية "آخر الألعاب" (2005) و"زهرة اليوم" (2007). وهذه القصة مأخوذة من مجموعته القصصية "كل زمن مضى كان أسوأ" (2004).

** ترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي

المساهمون