جعجعة بلا مطر

17 فبراير 2016
فادي الحموي / سورية
+ الخط -

مرة أخرى يعلنُ هذا الصباح فشله ويقف أمامي كالأبله
حائراً مثل ولدٍ أضاع فرنكاته صبيحة أول ايام العيد
فلا قدماي المحشورتان في حذاء قديم
عثرتا على ممرٍّ آمنٍ لمسقط رأسي
ولا أنا اقتنعتُ بالكفّ عن اقتراف الشغب الشعري
واستعراض الخيبات المتراكمة
حتى رأسي، رأسي الوحيد الذي لا أملك غيره على ما أعتقد
لم يستطع إكمال قصيدة أرّقته طوال ليلة الأمس.

لم يتّصلْ بي هاتفياً أيٌ من رؤساء الدول العظمى للتشاور
لم يرشّحني أحدٌ لنيل جائزة نوبل للسلام
قلتُ لهم إن الطريق إلى القباب الخضر
لا يمرّ عبر كروم العنب وبساتين التفاح
قالوا لي أنت الأحدبُ اللقيط
فلم أستطع الدفاع عن نفسي
حين ألقتْ المخابراتُ القبض عليّ
متلبساً بالحزن المشهود.

قلتُ لهم إن الشهداء لا يشعرون بزمهرير الشتاء
لكنهم لم يوصونا بأكل البيتزا في قاعات المؤتمرات
ولا بتعلّم فن الإتيكيت
قالوا لي أنت البطة السوداء
فلم أنل حصتي من دعاء أمي
بأن تحميني السماواتُ من شرّ الثعالب والسباع.

ارتكبتُ الأخطاءَ اليومية ذاتها كالمعتاد
وضعتُ الملح في القهوة
نسيتُ علبة السجائر
لم أطفئ النور في غرفتي
تركت المفاتيح في الباب
ولم أغلق أسطوانة الغاز.

ارتكبت الأخطاء التي لا رغبة لي بتلافيها
طالما أن الحرب لم تزل تحمل أوزارها
وتسرح في الطرقات
مثل عاهرة كانت تبيع الهوى للعابرين
فحملتْ سِفاحاً من قوافل الصحراء.

فشلتُ للمرّة المليون بمعرفة شيفرة الباب السري
لدخول غرفة إطلاق القنابل النووية.

كل البروق والرعود كانت جعجعة بلا مطر
وحدها عصافير الدوري لم تخنْ أصابعي
جاءتْ في موعدها رغم أنف الحرائق والدخان
وحطّتْ على شرفة بيتي
أكلتْ فتات الخبز المتناثر
ورتّلتْ لي ما تيسّر من أغاني الضوء والحرية.


* شاعر ومسرحي من سورية


اقرأ أيضاً: اللعب على الحبلين

دلالات
المساهمون