وصلتْ الثورات العربية إلى طريقٍ وعرٍ، حوّلها من ثورات ضد أنظمةٍ إلى صراع من أجل البقاء واسترداد الهويّة التي ضاعت بين مخالب الفقر والتطرّف والإلحاد وخروج أهم البلاد العربية عن أولى ضروريات الحياة ضمن صراعٍ قد يودي بنا إلى الانقراضِ
لا شيء أصعب من ضياع الهوية، في لحظةِ التصادم بين زمنين مختلفين، أحدهما واقعيٌّ محمّلٌ بالمأساةِ المنظورة، والآخر خياليٌّ غيبيّ يغيّب الواقع خلف أستار النبوءات، ومن منا لم يفقدْ هويتهُ، وهو يرى الربيع العربي وأحلامنا بوطن جميل تتحول إلى كابوس.
الوحدة العربية لاتعني بالضرورة قيام نظام سياسي واحد وحكم واحد، كماهو في أدبيات القوميين المتشددين، إنما تعني التشاركية في بناء سوق اقتصادي وإئتلاف عسكري، وهو حتمية ستقود إليها نهاية المخاض العربي الحالي الذي أثبت أنّ الجغرافيا العربية تتشابه في أمراضها.
السياسات الغربية تجاه بلدان الربيع العربي في التعاطي مع مطالب الشعوب في الحرية، ووضعها بين خيار الاستبداد أو الإرهاب لن تؤدي إلى القضاء على الإرهاب، بل تزيد من تناميه، ما يؤدّي إلى ازدياد ردود الأفعال الشعبية الغربية ضد التطرّف الإسلامي.
القضاء علی تنظيم الدولة يرأب الصدع الديني بين كل الفصائل، ويفتح مساحات واسعة للدور التثقيفي المستند علی فهم صحيح للثوابت الدينية، بحيث يوفّر جهداً كثيراً مطلوباً لإعادة التأسيس الفكري اللازم لمرحلة ما بعد الأسد.
ما قبل ظهور تنظيم الدولة كانت جميع الفصائل الجهادية مرتبطة ببيعة أسامة بن لادن، إليه يعود مركز قرار هذه الجماعات، كان نجماً عالمياً لعقدٍ، ولكن تم ترحيله عن الساحة مع بداية الثورات العربية. السؤال: لماذا اختير هذا التوقيت بالضبط لاغتياله؟
يبحث العالم اليوم عن خارطة حل سياسيّ جدي، ليس حبّاً بالشعب السوري، بل لأنّ ألسنة اللهب المتطايرة من الأرض المحترقة بدأت تلسع من أذكوها وتركوها تزداد، ولا خارطة حل بدون أن يكون أصحاب الأرض جزءاً منها.
عادت سورية إلی ما قبل تاريخ الدولة الحديثة، ولازال العالمُ يتخبط بالبحث عن حلول تصبُّ علی أرضٍ خطوطِ تكوينها تلاشَتْ، فحريٌّ بمنْ يريد نجاح الحل أنْ يلاحق آثار الخطوط المتلاشية، ويعيد رسمها بعد ذلك يقدم حلاً يتناسب مع تفاصيل المشكلة.