إذا لم يع المواطن اللبناني العادي الطريق الذي يسير فيه واقعه المعيشي والصحي والسياسي، سيظل يشترك مع سياسييه في أنه يحلم، لكن أحلامه كوابيس يستعيذ بها، وأحلامهم رؤى يحققونها.
نتيجة "تعزيل" البيوت عادة ما تكون جميلة في المظهر والرائحة والنظام، لكن "تعزيل" منطقتنا العربية يختلف كلياً، لأن نتائجه إزهاق للأرواح وانتشار رائحة الدم ومزيد من الفوضى.
الأوبئة بدأت تصيب حتى من لا يأكل من القمامة مباشرة، وقد تكون هذه العادة معدية وقد تستشري،وربما لاحقاً ستصبح ظاهرة ويتحول جيل كامل إلى آكلي نفايات غير آدميين، وينتقلون من آكلي نفايات إلى آكلي بشر حين لا يتبقى نفايات لتؤكل.
مؤكد أن خطاباً يفهمه نتنياهو، يقول إنه لو حاصر أهل غزة، واطمأن لقمع الضفة، واستغل الدماء أينما كانت، ليزيد من شعبيته، فإن الرد عليه يأتي دوماً من صاحب الأرض، من الفلسطيني صاحب الحق الذي لديه شيء يقوله للعالم.
كانت عملية اقتحام سجن رومية لتكون إجراءً طبيعيّاً وسط هذه المخاطر والمطالب، لكن عرض وزير الداخلية، نهاد المشنوق، أمام جلسة مجلس الوزراء كان لوجستيّاً، فقد أبلغهم "أن وزارة الداخلية لم تعد تتحمل بقاء وضع السجون على حالها"
اللجوء غير المنظم لا يعالج بورقة تبرير، عالجتها الدول باللجوء السياسي، أو الإنساني، من دون أن يشكل خطراً عليها. لماذا لم يكن القرار "سمة دخول" إنسانية؟ وبات معروفاً، بعد سنوات من الأحداث مَن مِن السوريين يحتاج إلى اللجوء.
اكتفت المشاريع الإغاثية للاجئين السوريين التي تقوم بها جمعيات لبنانية، بعرض أرقام وصور المستفيدين وأسماء الخيرين، فيما قرى لبنانية بأكملها، كعرسال، تدفع ثمن مدّ يد العون، وأهالي عسكريين مخطوفين لا أحد يشاركهم معاناتهم.
حين ارتضينا أن تكون معظم مرافق حياتنا مرتبطة بسياسات، محلية وعالمية، فليس مقبولاً أن تصيبنا الصدمة مع كل خبر نتلقاه، ثم نستمر أياماً في استيعابه، وأياماً في تسخيفه، ليصبح، بعد أشهر، خبراً يعلوه غبار سميك من التجاهل والنسيان.