لا نفهم في ظل وضوح مشهد الاستثمارات الغربيّة في الخراب الأوكراني، كيف يمكن ألّا ترفض دول الخليج خوض حروب غيرها بنفطها وأمنها، وألّا تعتمد حياداً فعّالاً يضعها في موقع الدّفاع عن مصالحها كما تفعل الدّول الغربيّة.
خطر الانتخابات اللبنانية المقبلة لا يكمن في اللاجدوى الّتي طالما وسمتها، ولكن في أنّها ستؤمّن، بشكل غير مسبوق، تلاحم وصايتين لا يمكن الفكاك منهما: الشّرعية القانونيّة عبر السيطرة على مجلس النواب وآلية إنتاج التّشريع، والأخرى المتأتية من السّلاح.
جاء عزوف سعد الحريري عن السياسة أخيرا إعلانا لنهاية حقبة كان لبنان فيها محمية طبيعيّة، يمكن صيانتها بقدر ما تبقى كلفة هذه الصيانة محصورة في حدود البلد، وكان ممنوعاً أن يشكّل أي طرفٍ أو تيار حالة تتجاوز هذه الحدود، وهو ما فهمه بشكل واضح رفيق الحريري.
كان التحريض الطائفي في لبنان يرتبط بمشاريع يمكن بيعها في ظل توفر الحد الأدنى من متطلبات العيش. مثلا حزب الله يسوّق مشروع المقاومة والكرامة، والتيار العوني مشروع حقوق المسيحيّين، والسّنة مشاريع العروبة والتفاهم مع المجتمع الدولي.
رغم الحديث المتواتر إعلاميا وفي بعض دوائر القرار عن التصعيد ضد إيران والسعي إلى فتح معركة كسر عظم معها، إلا أن الوقائع على الأرض تقول إن ما يجري لا يكاد يخرُج عن منطق المناورات والغارات الوهمية سعيا إلى تمكين إيران ثم الاتفاق معها لاحقا.
المرحلة المقبلة التي يمهّد لها حزب الله في لبنان، ولم تكن موقعة الطيونة سوى مقدمة منهجية لها، تقول إنّه مستعد لبذل الدماء في سبيل مشروع نزع السياسة عن البلد، وإنجاح مشروع السّيطرة على كل مفاصله عبر انتخابات، يبدو، حتى اللحظة، متحكّمًا بنتائجها سلفا.
لا يبدو أن أميركا ستذهب بعيدا في مشروع ضرب إيران، وليس أدل على ذلك من التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، في حال تنفيذ القرار الأميركي، بمنعها من بيع نفطها. تستطيع إيران فعل ذلك، وتستطيع التأثير الفعال على تجارة النفط الدولية.