محمد السادس

كيان دولة المغرب (بالنتيجة مجتمعه)، ما زال يعيش لحظته الوطنية الممتدّة، بالبحث عن استكمال وحدته الترابية (قضية الصحراء وباقي الثغور المحتلة). وهو بذلك في حاجة دائمة إلى مصفوفة القيم الوطنية وموكبها من القيم الفردية الرفيعة.

منذ خطاب العرش للملك محمد السادس، أخيرا، انبرى فاعلون كثيرون للتسابق بشأن إبداء ما يريدونه من مدوّنة الأسرة الجديدة، لأنهم يعون أن إصلاح المدوّنة هو دوما فرصة للظهور ممثلا للتوجّه الذي يرتضونه، وإن كانوا لا يتذكّرونها إلا في مواقف موسمية كهذه.

تحديث نصوص مدوّنة الأسرة رغبة تحدو المغاربة قاطبة، ما دام الهدف تحقيق العدل والإنصاف لكل مكوّنات الأسرة المغربية، لا مناصرة طرف (المرأة) على آخر (الرجل)، وكأنهما في حرب حامية، وليسا في رابطة زواج غايتها المودّة والرحمة والإخلاص.

لم يكن إقدام الرئيس الفرنسي، ماكرون، على توجيه خطاب إلى المغاربة، بعد الزلزال، إخلالا بالأعراف الدبلوماسية المعمول بها فقط، بقدر ما عكس كذلك مخاوف الدولة العميقة في فرنسا من تحرّر المغرب من هيمنتها، لشعورها بأن ورقة حقوق الإنسان لم تعد مُجدية.

‬يُطلّ المغرب على طفرة جديدة في ‬خريطة تقدّم المرأة. من المجدي‬ أن ‬يتم الإصلاح بنَفَس ثوريٍّ ‬كسياسة إرادوية لسدّ ‬ثغرات ‬الخصاص الكبير ضد المرأة، ‬والإنصات إلى صوتها،‬ الذي‬ هو صوت المجتمع صوت الأسرة‬ كلها،‬ صوت الثورة عندما تختار نبرة دافئة!

مهما بدت القطيعة الحالية نهائية وحتمية بين المغرب وفرنسا، فهي مرحلية مرتبطة بوجود الرئيس إيمانويل ماكرون، وهي مرشحة للاستمرار حتى نهاية ولايته، فالنظام في المغرب يراهن في حلّ الأزمة مع باريس على عامل الوقت، وهو ما يفتقد إليه الرئيس الفرنسي حالياً.

ليست العلاقات المقطوعة بين ملك المغرب ورئيس فرنسا‮ سرّا،‮ ‬ولكنها لم تجعل الملك‮ ‬يقطع علاقته مع فرنسا التي‮ ‬كان‮ ‬يزورها زيارة خاصة. لعل الفصل الأخير في‮ إدارة ‬رمزيات فرنسية إعلان وزيرة الخارجية‮ ‬عن زيارة مرتقبة للرئيس ماكرون إلى المغرب.

إذا كانت مآخذ المغرب ضد الجزائر تتركز أساساً على موقفها الداعم البوليساريو واستقلال الصحراء، فإن مسبّبات نقطة اللاعودة التي وصلت إليها علاقات الجزائر بالمغرب قبل الزلزال قد تعزّزت اليوم بعده بشكل كبير، بسبب إضافي شكّل بحق جداراً فاصلاً آخر.