هيا وهمس وضجيج الوطن

24 مارس 2016
هيا وهمس يفترشان الأرض،منذ 8ليلاً وحتى 8صباحاً لزيارةأبيهما(مواقع التواصل)
+ الخط -

نشرتُ على مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا صورة "هيا وهمس - ثلاث سنوات"، ابني الصحافي حسن القباني، والذي اعتقل منذ أكثر من عامين لا لشيء غير أنه صحافي معارض رفض أن يبيع قلمه وضميره.


صورة هيا وهمس أثارت النفوس وهيجت الأحزان التي لم تتوقف لحظة عن العقرب وأهل العقرب، وما يلاقون من صنوف العذاب.

هيا وهمس كانا يفترشان الأرض، ويلتحفان السماء منذ الثامنة ليلاً وحتى الثامنة صباحاً في جو قارس من أجل زيارة لا تتجاوز ثلاث دقائق من خلف حائل زجاجي، هذا إن تمت الزيارة!

صورة هيا وهمس تجسد معاناة العقرب، ونزلاء العقرب وذويهم، تجسد غياب الضمير والعدالة.

هيا وهمس لم يسمعا من الوطن غير ضجيجه، ولم يريا منه غير قسوته وتنكيله بهما ووالدهما، وحرمانها من أبسط الحقوق الإنسانية، لم يريا من الوطن غير القهر وحرمان الأب وعذابات السجون.

همس لم تجد لاسمها نصيبا في بلاد ملأتها الدماء والأشلاء والمظالم، همس لم تعرف الهدوء والسكينة التي اشتق اسمها منها.

وإذا انتقلنا من صورة هيا وهمس التي تجسد معاناة الأهالي والأبناء خارج الأسوار؛ إلى صورة ومعاناة وأهوال أخرى داخل الأسوار تجسدها معاناة والد وولده، لون آخر من العذابات والقهر والظلم الذي جاوز المدى!

سعد خيرت الشاطر ووالده المهندس خيرت الشاطر نزيلان في المقبرة ذاتها منذ عامين..

إدارة السجن تفصل فصلا تاما بين الشاب وأبيه، فمنذ عامين كاملين لم ير سعد أباه ولم تلامس يده يداه، يفصل بينهما جور السجان وقسوة الجدران، ولا أعرف أيهما أشد قسوة حجر الجدران أم جور السجان.

حتى وقت زيارة الأهالي؛ تكون زيارة سعد في توقيت غير التوقيت ومكان مختلف حتى لا تلتقي الأعين والأجساد، ولا يعلمون أن القلوب تلتقي والأرواح تتعانق وإن حال بينها قسوة السجان وسمك الجدران فالأرواح جنود مجندة.  

إنها لغة القلوب حين تتلاقى؛ في عالم الأرواح الذي لا يعرف قسوة البشر..

للأسف نتعامل مع طغاة فوق الطغيان، عصاة فوق العصيان، ما الضير في أن يرى الشاب أباه، ما الضير أن يكون شريكه في زنزانته، قسيمه في مظلمته؟!

ما تفعله وزارة الداخلية بالعقرب والسجون المصرية؛ من حرمان للزيارة وغيرها من الانتهاكات، جريمة تخالف كل الأعراف والمواثيق سواء الوطنية أو الدولية، فالمادة 40 من الدستور تنص على الآتي: (كل من يُقبض عليه، أو يحبس، أو تقيّد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانياً وصحياً، تلتزم الدولة بتوفيرها، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون ولا تسقط بالتقادم).

كذلك نصت المادة 38 من اللائحة الداخلية لقانون تنظيم السجون رقم 356 لسنة 52 على الآتي: (يكون لكل محكوم عليه الحق في التراسل ولذويه أن يزوروه، وذلك طبقاً لما تبينه اللائحة الداخلية، وللمحبوسين احتياطياً هذا الحق....).

هيا وهمس وسعد و60 ألف معتقل.. عفوا تستحقون وطناً أفضل، وطناً بلا جدران، بلا سجان، وطناً بلا ضجيج.

(مصر)

المساهمون