غيداء قلعه جي.. ضد تقسيم سورية ومع التدخل العربي

07 مايو 2015
أسرة سورية لاجئة في القاهرة (Getty)
+ الخط -

ماجدة وأمجد، توأم لوالدين سوريين لجآ إلى مصر بعد أن تقطعت بهم السبل في سورية، إلا أن الطفلين يعدان مجهولي النسب وليس لهم وجود عند الدولة المصرية، لأن والداهما تزوّجا عرفياً مثل الكثير من السوريين في مصر، بسبب عدم استطاعتهم إخراج أوراق زواج رسمية بعد انتهاء صلاحية جوازات السفر الخاصة بهم. حاول الوالدان مخاطبة العديد من الجهات والمراكز الحقوقية لمساعدتهم، إلا أنهما فشلا في إيجاد حل، ما دفعهما في نهاية المطاف إلى اللجوء للأمين العام للهيئة العامة السورية للاجئين والتنمية، السيدة التي استقبلت السوريين في بيتها عند بداية الأزمة وقبل تبوّئها أي منصب، غيداء شفيق قلعه جي، والتي يلجأ السوريون إليها دوماً لمواجهة المشاكل والأزمات المتعلقة بالإقامة والمعيشة، على أمل إيجاد حل لمشكلتهما وإثبات زواجهما والاعتراف بنسبة الطفلين إليهما.

وفي هذا الإطار، تحدث "جيل العربي الجديد" مع السيدة قلعه جي، الأمين العام للهيئة العامة السورية للاجئين والتنمية، ورئيس المكتب الفرعي في الإسكندرية لمكتب القانون الدولي، ومستشار المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات العامة، حول وضع السوريين في مصر وما هي المشاكل التي تواجههم ورؤيتها للوضع السياسي الحالي ومستقبل سورية.

- هل لديكم إحصائية بعدد السوريين في مصر؟

الإحصائيات متضاربة، فوفقاً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن الإحصاءات تقول إن هناك 155 ألف أسرة مسجلة، لكن غير المسجلين فهم أكثر بكثير، ومن الممكن أن يصل العدد إلى 350 ألف أسرة.

- هل أعداد اللاجئين في ازدياد أم انخفاض؟

الأعداد في انخفاض، لسببين، أولاً، منذ 2013 توقفت التأشيرات لدخول السوريين، ثانياً، ازدياد حركة الهجرة من مصر منذ 2013، فكل الذين هاجروا من مصر إما تم ترحيلهم إلى الدول المسموح لهم الوجود فيها، مثل سورية أو لبنان أو تركيا، أو غرق أو وصل، إذاً فالأعداد في انخفاض وليس في ازدياد.

- لماذا يغادرون مصر أو يتوجهون لدول أخرى الآن؟

هناك مشاكل، فمثلاً عندما تجري حالات زواج للسوريين في مصر، فالزواج يكون عرفياً، وعندما ينتج عن هذا الزواج أطفال يكونون مجهولي النسب أمام الحكومة. صحيح أن الحكومة المصرية أو التركية أو أي دولة أخرى موجود فيها السوري تخرج له شهادة ميلاد، لكن لا تستطيع إخراج جواز سفر له. لا تستطيع إعطاءهم عقد جواز مثبت. هذا يجب أن يخرج من الجهة السورية، وهناك عوائق كثيرة تمنع هذا، مثل عدم قضاء خدمة العلم (الخدمة العسكرية)، أو جوازه منتهٍ وليس عنده إقامة، فلا يجوز له إخراج عقد شرعي سواء من السفارة أو من الدولة الذي هو موجود على أرضها.

- أين تقع أكبر تكتلات للسوريين في مصر؟ وما هي المهن التي يزاولونها؟

إسكندرية والقاهرة، لكن حالياً إسكندرية، لأن كل القادمين الآن يفكرون في الهجرة غير الشرعية. فهنا في اسكندرية الموجودون أكثر. إجمالي رؤوس الأموال موجود في القاهرة، حيث يوجد أغنى الأغنياء من السوريين في مدينتي "مدينتي" و"الرحاب". وبالنسبة للمهن، فالسوريون يمتهنون إنتاج العديد من المنتجات، وخصوصاً الغذائية، وهذا يرجع بسبب تنوع الطعام السوري، وأيضاً الملابس، مثل العباءات السورية وملابس الأطفال، بالإضافة إلى صناعة الحلويات.

- ما هي الصعوبات التي تواجههم؟

مسألة الإقامات، وتشتت الأسر. فمثلاً أب كان قد أرسل زوجته وأولاده إلى الخارج، تحسباً منه أن الصراع في سورية سينتهي في خلال 5 أو 6 أشهر، فأرسلهم إلى الخارج على هذا الأساس، ولكن عندما فُرضت التأشيرة صارت الأسر منقسمة.

- حسب وجهة نظرك، لماذا لا تريد السلطات المصرية الاعتراف بالمعارضة السورية؟

هذا السؤال يوجه للسلطة المصرية، لكن يمكنني أن أحكي عن رؤيتي للأحداث. الآن الوضع في سورية تشعَّب. نحن كسوريين لا نعرف بالتحديد من يقاتل في سورية. فقد ظهر التطرف الديني، وظهرت داعش وجبهة النصرة، والجبهة الإسلامية. في البداية كان الجيش الحر، لكن لاحقاً ظهرت عناصر أخرى، وهذه العناصر ليست سورية.

- كيف هو حال السوريين حالياً مقارنة بعهد محمد مرسي؟

على أيام مرسي، "كان تيار إسلامي"، فهو اتبع مبدأ إغاثة الملهوف بدون النظر للوضع السياسي للبلد آنذاك أو الحالة الأمنية. صحيح كانت هناك أريحية كبيرة، حتى أن السوريين الذين يهاجرون لمصر بطرق غير شرعية، كانوا يطلقونهم ولا يضعونهم في الأقسام. أما بعد 30 يونيو/ حزيران، فقالت الجهات المصرية إن الوضع الأمني مخلخل، وأنه عليهم تثبيت الوضع الأمني في الداخل ثم الانتباه للخارج، وعلينا نحن كسوريين أن نحترم وجهة النظر هذه. لكن نتمنى أن لا تطول هذه المسألة، لأن هناك مأساة للسوريين إذا طالت هذه المسألة.

- هل تتوقعين أن يزول النظام السوري قريباً أم ستطول العملية؟

ستطول، في توقعاتي ستطول المدة إلى سنة أو سنتين. إلا أنك لا تقدر أن تتنبأ في سورية إلى متى سيطول الوضع بشكل قاطع، لأن سورية لا تشبه أي بلد آخر. هي مجموعة من الأقليات والقوميات. ففي سورية، المحيط الحدودي لها هو حلفاء النظام، سواء في العراق بدعم من إيران أو حزب الله في لبنان، بدعم من إيران أيضاً، ولا يمكننا أن نعول على الأردن بشيء، وحدودنا أيضاً مع الأراضي المحتلة، وما يحدث في سورية هو حرب استنزاف، فيجب أن تكون هناك إرادة عربية لوقف هذا التمدد، ومعنى هذا أن تتفق خمس أو ست دول عربية في مواجهة دول عربية أخرى، يعني عرب ضد عرب. المسألة ليست سهلة في سورية. هذا هو الذي يجعل من الصعب أن يتم التنبؤ بالمستقبل في سورية، وإذا تنبأت فمن الممكن أن يصل الأمر إلى تقسيم سورية، وطبعاً نحن ضد مبدأ التقسيم.

- ما هي الجهود التي تقوم بها الهيئة العامة السورية للاجئين والتنمية تجاه المعتقلين السوريين في مصر، مثل المجموعة التي اعتقلت أخيراً في كرموز؟

هناك تواصل بننا وبينهم، ونطالب بقرار سياسي يثبت أن هؤلاء ليس معهم جوازات سفر حتى تقوم السلطات التركية بإخراج تصريح سفر لهم، لأن السلطات المصرية ردت قائلة إنها لا تعطي تصريحات سفر لمن ليس معه جواز أو لا يسمحون بأن تعطيه تركيا ما دام هناك دولة تخرج له تصريحاً. حينها قمنا بالرد معتمدين على القانون الدولي بأنه إذا كانت دولة المنشأ فيها حرب، فالدولة المضيفة تسمح بأن تخرج تصريح سفر له، فردت السلطات المصرية أن هذا في حالة إذا لم يكن له سفارة في البلد المضيف، لكن وعدونا أن يجدوا حلاً لهذه المشكلة، على أمل أن تعطي السلطات المصرية لهم تصاريح سفر حتى يغادروا إلى تركيا.

- بم تفسرين فتح النظام باب استصدار أو تمديد جوازات السفر في الخارج أخيراً، حتى لمن غادروا بطريقة "غير شرعية"؟

أستطيع القول بنسبة 90% بسبب الضائقة المالية. فمنذ أسبوع كانت عملية إخراج جواز سفر بالمجان، لكن بعد القرار الأخير، أصبحت عملية إخراج الجواز الجديد تكلف حوالي 200 دولار، والتجديد بـ400 دولار، بعد أن كان بـ200 دولار.

المساهمون