رمل وفيض واحات

12 نوفمبر 2015
انزلقت في ريق المسافة مثقلة بعطشي (Getty)
+ الخط -
أنا الصحيفة الفائضة من عمر نخلة فاتها تساقط تاريخ الشيب من ذاكرة الصحراء، هويت في حنجرة الريح وانزلقت في ريق المسافة مثقلة بعطشي، أضمد جرحي بحبات رمل علقت في مضيق القيظ ..


كنت كلما تلمست ندبة تحت ثوبي عبرتُ حزني متهالكة ألملم خسائري، ماضية الى عرين النار متكبرة على خوفي .. رغم جزعي الكبير من الجهات يممت شطر روحي للغياب، أدرت ظهري للخراب العميق فيَّ، وسرت وحيدة أهرق دمعي إلى أن التقيت بحتفي.

كان حبا عزيزا اعترضني حين ظننت أن الصعود صعب، يا حبا مغمورا بركامه معتزا بجراحاته، دع الغبار الكثيف خلفك، دعني أسرح الغيمة السوداء التي تموج فوق كتفيك، دعني أزيح ركام الحرب البادية عليك - أتشبث بعرقك برائحة البارود وأنفاسك المسكونة بالعويل ...

كان ارتباكي صاخبا جدا ووجيب قلبي فاضحا، اقتربت منك تاركة الكلام يدفقُ غزيرا في مرير نظراتنا رافعة سقف النور بيننا إلى حدود الشمس، وخفق أرواحنا بأجنحة الحرف أزاح سقف السماء وقاب شهقتين وعناق اجترح الفضاء، حتى اتقد الجمر في وهج الأزرق الشفيف.

اندفعت كالأحلام دافئة أطير في الهواء كحمامة وردية مرسلة من عاشقين هفّهما الهوى .. لم تمنعني لعثمتي وشدة وجلي من هيبة فارس يحكم رسن فرسه بين فخذيه، فارس تفور من ساعديه فحولة الريح، ناورت السراب واقتربت منك أكثر حتى لم تعد تفصلني عنك سوى خصلة من شعري طيرها الزفير، تحسست كتفيك ثم رسمت بينهما غصنا أخضر كتبت عليه رسالة تقول: " خذني حبيبي إلى "أرض لا تنام" أريد أن أبني أعشاشا لصوتي فوق لسان مشجر وأحتضن فراشات بلون الكلام المؤجل" وبلطف ملائكة سكبت اسم الله في راحتيك وطرت..

لم أكن أدري أن التفاتة واهنة قد توقعني في شرك رطب، تصيرني كعرافة تقف على كثيب ماء كل غروب منتظرة طلائع النجوم مبشرة بليل يفيض بالغناء .. أنا السعفة المتهاوية أمارس في حضرتك سقوطا مشتهى، في قلبي يهطل مطر وفي راحتيك تذوب تفاحات ظامئة ..

في العتمة حيث تساوت الظلال كنا واحدا وكان الآخرون وراء الخيام يتلصصون على ضوء كفيف يتمطى ويتقلص بيننا، كانوا يدلون بثمار الرغبة للجياع في سلال صنعت من سعف يشبه سعفي .. كان ضعفي يشعل في فمي السؤال، أنا الواحدة التي لا تبغي في ملكها شريكة، كيف لي أن آسر فارسا لا يشبعه حفيف الحرير، فارس لم يحتمل قلق شاعرة فصار يبحث في المجاز عن سر أنثى تهجس في سرير اللغة ملثمة والمعنى يعبرها عاريا وكأنه قد قُدَّ من زبد.

(تونس)
المساهمون