"فيسبوك" و"لينكد إن" في عالم الأعمال

04 مارس 2015
تكنولوجيا التواصل الاجتماعي تغيّر ملامح الاقتصاد (عاطف خان/Getty)
+ الخط -
تحظى تكنولوجيا التواصل الاجتماعي حالياً، بمكانة كبيرة في عالم المال والأعمال، وأضحى ذلك واضحاً من خلال التطور الهام ‏الذي تشهده المؤسسات العاملة بهذا القطاع. وفي ظل التسارع المفرط الذي تعرفه تكنولوجيا المعلومات من حيث الإنتاجية ‏وسرعة الوصول للمستهلك، اتسعت مجالات وسائل الاتصال الاجتماعي لتشمل الجوانب المهنية وريادة الأعمال، وأصبحت ‏تغطي الأنشطة التجارية والفعاليات الاقتصادية وتواكب العمليات الاستثمارية وسوق العمل.‏ 
وعلى هذا الأساس، نسجل طفرة نوعية في توجهات وسائل التواصل الاجتماعي نحو مجتمع الربحية والأعمال، وممّا يجب ‏التوقف عنده، إطلاق مؤسسة "فيسبوك" لتطبيقات تخص الأعمال تحت اسم "فايسبوك في العمل". وهي عبارة عن خدمة ‏إلكترونية توفرها الأجهزة الذكية المعتمدة على نظامي الأندرويد و"آي أو أس"، لتشكل بذلك شبكات تعاونية بين موظفين منتمين ‏إلى مؤسسات مختلفة بهدف تبادل المعارف والخبرات، ومناقشة الموضوعات المهنية التي تتعلق بالقيادة والتنمية الذاتية، وكذلك ‏استعراض أحدث التقنيات والأدوات المستعملة في المحاسبة. كما تستخدم في إدارة العلاقة مع الزبون ودراسة الأسواق، ناهيك عن تواصل ‏المهنيين المحترفين الساعين لإيجاد فرص عمل مغرية بشركات كبرى تحقق لهم طموحهم في الارتقاء الوظيفي والحصول على ‏دخل شهري مرتفع. ‏
وفي هذا السياق، تتجه مؤسسة "فيسبوك" لسلوك منحى المواقع المهنية المتخصصة، كـ"لينكد إن". هذا الأخير يخاطب منخرطيه ‏بعشرين لغة، بما فيها اللغة العربية، وعدد المشتركين فيه من العالم العربي يقارب 15 مليوناً سنة 2014، أزْيَد من ثلثهم من ‏منطقة الخليج العربي.
يعمل هذا الموقع على التواصل المهني بين المشتركين عبر نشر السيرة الذاتية والإفصاح عن المهارات ‏المكتسبة والخبرات المتراكمة من أجل إنشاء دائرة للمعارف كشبكة مساعدة في البحث عن عمل. ‏
وعلى هذا النحو، يجب أن يكون حساب الشخص المشترك في "لينكد إن" مكتملاً من حيث المعلومات، جامعاً للشهادات والخبرات ‏وشاملاً للإنجازات والنجاحات، ثم يبدأ الشخص بتوليف العلاقات المهنية والانتماء لمجموعات ذات اهتمامات مشتركة في ‏مجالات محددة، وبذلك من الضروري الحرص على تحيين المعلومات والمساهمة بالآراء والنقاش للبقاء على اطلاع متواصل ‏على المستجدات المهنية، كما يجب تحسين الحساب بالحصول على توصيات من زملاء أو مدراء جرى العمل معهم سابقاً والقيام ‏بتصديقات تروّج لتعدّد مهارات الفرد. علاوة على ذلك، تجدر الإشارة، في حساب "لينكد إن"، إلى النشاطات الإنسانية ذات البعد ‏التطوعي ونشر الهوايات ومراكز الاهتمام الشخصي لإضفاء بعد اجتماعي على العلاقات المهنية كنوع من التقارب مع ‏الآخرين. ‏‎ ‎
وعلى المنوال ذاته، نجد "فياديو" كمنافس رئيسي لـ"لينكد إن" في استهداف رجال الأعمال والباحثين عن العمل مركزاً على الأسواق ‏الفرنكوفونية، وهو صاحب حضور متميّز في المنطقة المغاربية بالعالم العربي، كما أن ‏‎%‎‏65 من المشتركين في "فياديو" في ‏أفريقيا هم مغاربيون. ‏
ونتيجة لذلك، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي لبنة أساسية في تنمية الصناعات الناشئة والمؤسسات‎ ‎الخدمية، بالإضافة إلى ‏تأثيرها العميق على الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، يستحوذ فيسبوك على مليار ونصف مليار مستخدم نشط، ما يعطيه مصداقية كبيرة ‏كمنصة للتلاقي، كما أن له أثراً كبيراً على الاقتصاد، حيث وظف فيسبوك خلال السنة الفارطة 4.5 ملايبن شخص، كما أن حجمه ‏الاقتصادي تجاوز 230 مليار دولار.‏
ختاماً، لقد فرضت التحولات الكبرى للاقتصاد حضور التنافسية وكذلك التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والتواصل، كتغييرات ‏جذرية على بنية وآفاق المؤسسات التجارية والاقتصادية. ومع التطور المطرد في عالم الإنترنت، يبقى التساؤل مشروعاً عن ‏مصير العالم الافتراضي وتأثيره على الحياة الطبيعة. وليس غريباً أن نجد التقرير الأخير للمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس ‏يحدثنا عن مستقبل عالمي تنصهر فيه الحياة الافتراضية مع نظيرتها الطبيعية في حياة رقمية يندثر منها الإنترنت وتظهر منتجات ‏تكنولوجبة وأجهزة إلكترونية جديدة.‏

(باحث وأكاديمي مغربي)


إقرأ أيضاً: سورية: شركات جديدة ناشئة وأخرى تصارع للبقاء
المساهمون