مناجم مصر...مقبرة العمال

30 مارس 2015
احتجاجات عمال مصر على وضعيتهم الاجتماعية (Getty)
+ الخط -
مثلما تعاني الثروة المعدنية في مصر من الإهمال والفساد. يعاني، أيضاً، العاملون فيها من الموت البطيء. دون أي اهتمام أو رعاية حقيقية من الدولة.

تمرعملية استخراج الثروات المعدنية بالعديد من المراحل في مصر. يقدرها العاملون بثلاث مراحل. تعد مرحلة التنقيب أكثرها خطورة. حيث أدى تغيير قانون الثروة المعدنية منذ عام 2008 إلى إسناد مسؤولية التنقيب لمقاولين، وليس لشركات القطاع العام، نتيجة غياب الإمكانيات لدى الدولة. فأصبح العمال فريسة سهله بين براثن "المقاول" الذي يأتي بهم من الصعيد والريف للعمل في المناجم، دون توفير أي رعاية صحية. أو اجتماعية، أو أجور تتناسب وخطورة العمل الذي يقومون به.

ويقدر عدد المناجم في مصر بـ 30 منجماً، أكبرها "منجم السكري"، الذي يصنف من أكبر عشرة مناجم على مستوى العالم. بينما تؤكد العديد من المصادر الرسمية أن عدد عمال المناجم في مصر يتجاوز الـ 350 ألفاً، يعملون مباشرة في المناجم، وما يقرب من 250 ألفاً آخرين يعملون بطريقة غير مباشرة.

يتعرض عمال المناجم بحسب رواياتهم، لأسوأ أنواع المعاملة. حيث يلقون في الصحراء، دون توفير تأمين صحي أو اجتماعي، ودون توفير مرتبات تساوي الجهد الذي يبذلونه في الحفر والنقل، وتتراوح أجور العمال في المناجم، ما بين 198 دولاراً لمن يتوفر على أقدمية خمس سنوات، وقرابة 460 دولاراً لمن له أقدمية عشر سنوات، وهي أجور هزيلة، مقارنة بالمخاطر التي يواجهها عمال المناجم ومنها الموت، بسبب غياب تام لوسائل الأمن الصناعي. أضف لذلك، عملهم لما يقرب من 12 ساعة يومياً، وجمعهم في مساكن لا تصلح للسكن الآدمي، ومنعهم من النزول في إجازات لفترات تزيد عن الثلاثة أشهر.

ويوضح العمال، أن هناك الكثير من الأمراض التي تنجم عن العمل في المناجم، أكثرها انتشاراً الصمم، التصلب الرئوي، الربو، إضافة الى التعرض لبتر الساق أو اليد. مع وجود مستشفى لا يقدم أي خدمات، وأطباء إن وجدوا يستخدمون في تضليل العمال، بعدم الكشف لهم عن الأمراض التي يعانون منها، حتى لا يلجؤوأ الى الإضراب. في المقابل يتمتع الخبراء والعمال والمهندسون الأجانب بكامل الرعاية الصحية، وأجورهم تفوق مرتبات المصريين عشرات المرات، ورعايتهم الصحية جيدة وشروط العمل الآمن موفرة لهم.

ويعاني العمال من التفتيش اليومي إذا رغبوا في الخروج أو الدخول من المساكن التي يوفرها المقاول، بل يمنعون من الحديث لوسائل الإعلام، وإن فعلوا ذلك يتعرضون للطرد.

وكعادتها تعيش النقابات الرسمية في مصر في واد، بينما تترك العمال في الصحراء، دون حقوق أو حماية. وبالرغم من أن قانون تنظيم العمل في المحاجر والمناجم يحتوي على الكثير من الحقوق، فإنها لا تحترم حتى في حدودها الدنيا.

ويؤكد العديد من الخبراء أن الثروة المعدنية هي القاطرة الحقيقية للتنمية، وتحتوى مصر على 120 موقعَ ذهب، وأكثر من مليار طن من الرمال البيضاء، التي تدخل في صناعة الزجاج وأشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية.

أما عن إجمالي ما تحصله مصر من ثرواتها المعدنية، فيؤكد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن الدولة تحصل 7.894 مليون دولار فقط من بيع خام الحديد، ومقابل ذلك، لا تمنح العمال جزءاً يسيراً من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

إقرأ أيضا: عمال البناء: يشيدون الثروة ويحصلون على الفتات