اليونان تدعو سكانها إلى "إغلاق الصنبور" في مواجهة شح المياه

15 يوليو 2024
المياه ضرورة قصوى وسط الحرّ في اليونان، 12 يوليو 2024 (آريس أويكونومو/ فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد التحذيرات في اليونان بشأن الانخفاض المقلق في مخزون المياه في عزّ فصل الصيف، بسبب الجفاف المستمر، وكذلك بفعل الفشل المزمن في إدارة هذا المورد الثمين، بحسب خبراء. وعلى بعد 200 كيلومتر إلى الغرب من أثينا، أظهرت بحيرة مورنوس الاصطناعية، التي تُعَدّ خزّان المياه الرئيسي في منطقة أتيكا التي تتبع لها العاصمة، انخفاضاً بنسبة 30% في مخزونها في بداية يوليو/ تموز الجاري مقارنة بالفترة الزمنية نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات شركة "إيداب" المشغّلة للقطاع في المنطقة.

وقد انخفضت كلّ مخزونات المياه في أتيكا بنسبة 24% في الفترة عينها. وتدعو "إيداب"، التي صنّفت المنطقة من ضمن مستوى الإنذار الأصفر، سكان أتيكا البالغ عددهم 3.7 ملايين نسمة، ما يوازي ثلث سكان اليونان، إلى مراقبة استهلاكهم المياه بعناية. وفي أثينا، تُبَثّ يومياً في وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي نداءات لرفع مستوى الوعي بين السكان. ومن رسائل التنبيه التي وُجّهت إلى السكان، على سبيل المثال، "عندما لا تملؤون حوض الاستحمام بالمياه، توفّرون ما يصل إلى 150 لتراً من المياه"، أو "أغلقوا الصنبور عندما تنظّفون أسنانكم".

ويؤثّر نقص المياه بصورة حادّة على جزر اليونان السياحية حيث وحدات التحلية والحفر تلبّي احتياجات السكان الذين تزداد أعدادهم في فصل الصيف. ويقول أستاذ إدارة الموارد المائية في جامعة "ثيساليا" نيكيتاس ميلوبولوس لوكالة فرانس برس إنّ الطلب على المياه في جزر، وقعت ضحية نجاحها السياحي، يكون في بعض الأحيان مضاعفاً مئة مرّة في فصل الصيف مقارنة بفصل الشتاء. وينتقد هذا الخبير "فشل إدارة المياه في اليونان، إذ ثمّة نقص في السدود" خصوصاً، إلى جانب "الهدر المتكرّر خلال ريّ الأراضي" من المزارعين.

في هذا الإطار، أعلنت هيئة الحماية المدنية "حالة طوارئ" في جزيرة ليروس لشهر واحد في نهاية يونيو/ حزيران الماضي. وأشارت بلدية هذه الجزيرة الواقعة في منطقة دوديكانيسيا إلى أعطال في وحدة تحلية المياه بسبب نقص "الصيانة في الماضي". وثمّة جزر أخرى، من بينها سيفنوس في سيكلاديس وخيوس في شمال بحر إيجه وليفكادا وكورفو في البحر الأيوني (غرب)، وكذلك السهول الكبرى في البرّ الرئيسي لليونان أو مقاطعة مقدونيا (شمال)، مهدّدة كذلك بسبب نقص المياه.

وفي جزيرة ليفكادا، تحدّث الكاتب المقيم في الجزيرة ميخاليس ماكروبولوس عن وضع "مؤسف" عندما "انقطعت المياه في نهاية يونيو الماضي لأربعة أيام متتالية". وبحسب ما دوّنه ماكروبولوس في صحيفة "إفيميريدا سينتاكتون" ألقى باللائمة على "سوء إدارة السلطات البلدية لسنوات" و"التنمية غير المنضبطة للسياحة من دون بنية تحتية كافية". وقد أعلن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، عندما زار ليفكادا في بداية يوليو/ تموز الجاري، إطلاقَ "أحد أكبر مشاريع إمدادات المياه في اليونان لتغطية احتياجات" الجزيرة. بدورها، انتقدت رئيسة بلدية جزيرة سيفنوس ماريا نادالي "الاستهلاك المفرط للمياه في أحواض السباحة وكذلك سقي الحدائق الكبيرة".

وتفاقم الجفاف هذا العام في الدولة المتوسطية المعتادة، في الأساس، على موجات حرّ في فصل الصيف. فقد أعقب فصل الشتاء الأكثر اعتدالاً على الإطلاق ارتفاعٌ في درجات الحرارة في فصل الربيع، خصوصاً في يونيو الذي كان الأكثر دفئاً منذ عام 1960، بحسب بيانات رسمية. كذلك عانت اليونان موجة حرّ مبكرة، إذ بلغت الحرارة 44 درجة مئوية محلياً في أوائل يونيو، فيما ترتفع درجات الحرارة في هذه الأيام إلى 41-42 درجة مئوية.

لكنّ المدير العام لهيئة "إيداب" خارالامبوس ساخينيس يحاول طمأنة المتخوّفين، مشيراً إلى وضع "خطة خاصة" بهدف "التعامل مع ظواهر قصوى مرتبطة بنقص المياه". وقد بيّن، في مقابلة أخيرة مع وكالة الأنباء اليونانية، أنّ ثمّة استثمارات حالياً تناهز 750 مليون يورو (نحو 819 مليون دولار أميركي) لهذه الغاية.

في سياق متصل، تقول العالمة المتخصصة في الموارد المائية والباحثة في جامعة "أثينا" إليزافيت فيلوني لوكالة فرانس برس إنّ الهيئة العامة للموارد المائية تستعدّ بدورها لإعادة العمل في بحيرة يليكي، التي تُعَدّ خزّاناً إضافياً بالقرب من أثينا. تضيف أنّ "مع ذلك، هذا الحلّ يستهلك كثيراً من الطاقة، إذ يجب ضخّ المياه، في حين أنّ عند مجرى مورنوس المائي منحدراً طبيعياً". وترى فيلوني أنّ "إنشاء هيئة مركزية أمر ضروري لتطوير مقاربة شاملة للموارد في كلّ أنحاء البلاد".

(فرانس برس)

المساهمون