قصائد هنديّة

03 مارس 2015
عمل فني لـ يوسف عبدلكي
+ الخط -
مدن

أخبرني إذن.
هل الطقس حار؟
هل تُمطر هناك؟
وثمة أمكنة
حيث تجلس أنتَ في يوم مشمس
هرباً من الحشود؟
أهي جميلة؟
صاخبة؟


كيف هي رائحة الشوارع؟
وماذا ترتدي النساء؟
هل هنّ جميلات؟
أتحبها؟
هل بوسعك مغادرتها؟
وهل ستروق لي
إذا ما جئتُ؟

وحيدين، بعيدين عن أوطاننا، نتبادل مدننا
كنذور.




غرفة فندق في هيروشيما

غرفة كبيرة باردة تدير ظهرها لك.
سريران متخشبان كجثتين. كيمونو مطوي
بقسوة، كل ثنية سكين مكتملة.
الأنوار طعنات في العتمة.

هذا المكان منتظرٌ أن تحدث
أشياء رهيبة. لا يمكنه النوم الليلة.
الحنفيات مفتوحة.
دمُ مَن سيُدلَف نحو البحر؟





المشي بعد السرير على الرصيف

إصبعها البنصر عارٍ.
هي جاهزة تماماً لحبٍ جديد،
جاثمة في الزاوية،
منقّبة في القمامة،
نائمة، مستيقظة،
وتقوم بأعمال نصب على الآخرين.
ظنونها تستحيل قذرة
فيما تمشي.
قد تمطر السماء، بعد.
مطر بحت.
تأمل ألا يحدث ذلك.
غيوم وسخة تسابق بعضها البعض
عبر ما تبقى من الضوء المترامي.
أرضٌ مبتلّة، بين البلاط رطوبة مشبعة،
تسقيها أيدي أصحاب المحال،
داكين الأوساخ،
مركّزين الغبار.
رائحة أول مطر،
خيالية.
ورائحة اللذة،
يمكن تأجيلها.
عطر البلوزات
والأعناق المعفّرة بالبودرة
وزهور في الشعر.
إصبعها البنصر عار.




دويتو الأم والابنة


عندما تغضب تبتسم
وبعذوبةٍ تصفح لنفسها
بالهرولة إلى المطبخ
وتناول السكين.
هناك، وبغضب سفاح بربري
تقطع وتفرم وتشرِّح وتحزّ
جزراً، بطاطا، قرنبيط، ملفوف:
صورة لزوجة مطيعة.
تنحب فوق البصل
تطحن أسنانها مع التوابل
تحمّص وتقلي.
تحرق الحليب وهي تمخض اللبن الرائب
تفرم اللحم دون أن تنبس بكلمة.
تسخّن الماء.
تغلي الشاي.
تلقن ابنتها درساً:
"يا فتاة، حذارِ أن تكوني مثلي".
...
آخر ما أريده،
أماه،
أن أكبر
فأصير مثلك.
في منتهى الصبر
في منتهى الانصياع
في منتهى اللطف والدماثة.
في منتهى اللهفة منتظرة
زوجك وطفلتك.
في منتهى الحب
في منتهى الكدح حول نار مستعرة.
في منتهى الرشاقة
في تحضير طعام أو وجبة خفيفة.
في منتهى السرعة بالأصابع
حين يتعلّق الأمر بقطبة أو درزة.
...........
في منتهى الصمت عند الأحزان
في منتهى الوحدة في الفقد
في منتهى الاندثار
في منتهى الشغور
في منتهى البديهية، مفروغ منها
في منتهى التعرّض للملامة
في منتهى القلق
في منتهى الهزيمة، منتهى التعب
في منتهى الحزن
في منتهى السعادة
بوصفها أماً وزوجةً طوال الحياة.

لا،
لن أغدو أنتِ
إطلاقاً. ليس أنا.
غير أني الآن
سآخذ الشاي
لزوجي.


كلاب، حشود وحفلة روك


اليوم السابعة صباحاً
زمرة كلاب مسعورة هرعت داخل مبنى وأخصت رجلاً.
حدث الأمر بسرعة، بحيث لم يكن هناك متسع للاتصال بالشرطة
أو "فان" الرفق بالحيوان كي يصل ويحمل الحيوانات النابحة بهياج، بعيداً.
خمسة كلاب وصلت.
ستة، غادرتْ.

اليوم الثانية عشرة ظهراً
قطيع من مرتزقة للترويع استقلوا شاحنة ورشقوا الحشد بالزهور.
الحشد، الذي تجمهر بصمت طوال فترة الصباح،
فصلوا سويقات الزهور بأسنانهم وبسخط
انفجروا مطلقين كتيّباتٍ. في الكتيبات خُطَّ
فيلخرج الغرباء ثم أنشدوا في خدر.
المرتزقة فصلوا من وظيفتهم
لإخفاقهم في تبديد الحشد.

اليوم السابعة مساءً
مدرجٌ قذف بوابته المفتوحة نحو السماء.
الأرض اهتزّت والناس تجمّدوا.
بفعل الصوت، شفاه مطاطية هائلة استحالت حزناً مسيّراً بالكهرباء.
على الأرض، منكسراً بين مسؤول مؤنَّب وأم ملفّقة لطفلين،
هزّ مغنٍ هندي عجوز ضفائره. في مقاعد الشمبانيا،
بارون الكحول يتغرغر
بنسق في بذلة توكسيدو.

اليوم السابعة وعشر دقائق، الثانية عشرة واثنتي عشرة دقيقة ومنتصف الليل،
أحسّت المدينة بارتعاشة شهوةٍ.
أمور غريبة حدثت وعبرت بها.
غداً، القطارات هي ما سيحدّد الوقت،
السابعة وعشر دقائق، الثانية عشرة واثنتي عشرة دقيقة ومنتصف الليل،
كل قطار مقعقعاً سلاسله،
يرجع آلاف الناس إلى أقفاصهم
حتى الفجر.


* شاعرة من الهند
ترجمة مازن معروف
المساهمون