عصر نفطي جديد

17 فبراير 2015
دخول عصر نفطي جديد (getty)
+ الخط -
يبدو أن إنشاء التجمعات المتخصصة في شؤون الأعمال الدولية، بات ظاهرة مهمة في العالم المعاصر. وتبرز في هذا الإطار المنظمات الدولية المتخصصة بأصحاب المصالح في مجال النفط سواء للمنتجين أو المستهلكين.
عملت الدول المنتجة للنفط على تأسيس منظمة متخصصة للنفط من أجل رعاية المصالح والمحافظة على الأسعار بما يخدم معظم الاقتصاديات الريعية التي تقوم على الثروة النفطية. في حين نجد أن الدول المستهلكة يتمثل دورها في التحفيز على الصناعة النفطية.
منظّمة الدول المصدرة للبترول، "أوبك"، هي منظّمة عالمية تعتمد على صادراتها النفطية اعتماداً كبيراً لتحقيق إيراداتها. ويعمل أعضاء "أوبك" لزيادة عائداتها وتعظيمها من خلال بيع النّفط في السوق العالمية. وتملك الدول الأعضاء في هذه المنظّمة 40% من الناتج العالمي و70% من الاحتياطي العالمي للنّفط.
وقد تأسّست "أوبك" في بغداد عام 1960، من قبل السعودية، إيران، العراق، الكويت وفنزويلا، وأصبح مقرّها في فيينا.
وتوجد في المنظمة الآن 12 دولة، إذ إضافة إلى الدول المؤسسة، انضم الى المنظمة بعد انطلاقتها كل من الدول التالية: الجزائر، الاكوادور، ليبيا، نيجيريا، قطر، أنغولا، الإمارات العربية المتحدة. أما دولة الغابون فقد انتمت إلى "أوبك" عام 1975، لتنسحب منها عام 1994. في حين غادرت إندونيسا منظمة "أوبك" في العام 2008، بعدما كانت عضواً في المنظمة منذ العام 1962، وذلك بعدما تراجعت صادراتها النفطية بشكل كبير، نظراً لارتفاع نمو الطلب المحلي على النفط، بعد تصاعد حجم الإنتاج وتوسع الاقتصاد. وبالرغم من أن الحكومة الإندونيسية قدمت الكثير من الحوافز المالية للشركات لمساعدتها في الاستثمار في مجال تنقيب واستخراج النفط، ولكن هذا البلد اضطر للاستيراد من دول أخرى مثل إيران والسعودية والكويت بعد فترة لتلبية الطلب النفطي. ومن المعلوم أن خروج إندونيسيا من المنظمة لم يؤثر على حصة دول "أوبك" في الأسواق العالمية.
أما الوكالة الدولية للطاقة، "IEA"، فهي منظمة دولية تعمل في مجال البحث والتطوير، وتسويق تقنية الطاقة واستخداماتها. كما تمتلك المنظمة رصيداً استراتيجياً من النفط يمكن بواسطته التدخل في السوق العالمية. وتشكلت المنظمة عام 1973 من 16 دولة صناعية بغرض التصرف الجماعي لمواجهة أزمة النفط في ذلك الوقت.
وفي عام 1974، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة كمنظمة مستقلة، على أن يكون مركزها باريس. وتضم الوكالة اليوم الدول التالية: أستراليا، بلجيكا، الدنمارك، ألمانيا، فنلندا، فرنسا، اليونان، المملكة المتحدة، جمهورية إيرلندا، إيطاليا، اليابان، كندا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، النمسا، بولندا، البرتغال، إسبانيا، السويد، سويسرا، سلوفاكيا، كوريا الجنوبية، التشيك، تركيا، المجر والولايات المتحدة الأميركية.
تعتبر هاتان المنظمتان قائدتا العالم النفطي. وبرغم الامكانيات الهائلة على التحكم بالسوق النفطية من كافة جوانبها، إلا أن العالم النفطي لا يزال غير متكامل العناصر. إذ إن تناقض التوجهات والمصالح بين الدول المنتجة والدول المستهلكة جعل العالم يمر بأزمات كبيرة، خصوصاً في ما يتعلق بأسعار الطاقة. وهذا ما دفع العديد من الدول في كلا الطرفين، إلى العمل على بناء أفكار تؤسس لمنظمة جديدة تضم الدول المستهلكة والمنتجة، ولكن هذا المشروع لا يزال في مراحله الأولى.
إذ إن العالم بحاجة حقيقية لضبط إيقاع الأسعار العادلة للمنتجين والمستهلكين من جهة، والعمل على تحقيق توازن بين العرض والطلب داخل سوق النفط العالمية.
إن الوصول إلى أسعار مقبولة في النفط أصبح ملحّاً، وذلك في ظل وجود عرض نفطي تقابله سوق مستهلكة للطاقة تريد إدارة اقتصادياتها بصورة فعالة ومستدامة. وهذا ما سيكون كفيلاً بإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي الذي خضع للعديد من العمليات الجراحية الفاشلة. لا بد من الاعتراف، ولا بد من القول إن صراع الأضداد يجب أن ينتهي، ونبدأ عصراً جديداً بإنشاء منظمة جديدة تجمع المنتجين والمستهلكين وتعمل على بناء حزمة من الأسعار تتكيّف مع العرض تارة والطلب تارة اخرى بحيث تعيش الشعوب حياة مستقرة.
الأكيد أن عصر الصراعات انتهى، وبدأ عصر التعاون الحذر، الذي قد يؤسس إلى عصر التعاون المثمر في ضوء المصالح وحكمة المرجعيات الوطنية في إدارة الثروة وتحقيق النمو الاقتصادي.
(خبير اقتصادي عراقي)
المساهمون