مصر: النمو السكاني ركيزة الاستثمار في المطاعم

28 يناير 2015
عدد المطاعم يشهد ارتفاعات سنوية (صلاح ملكاوي/فرانس برس)
+ الخط -
تُعرف مصر بالسوق الاستهلاكي الأكبر حجماً في العالم العربي، وذلك استناداً إلى التعداد السكاني الذي يضعها في المرتبة الأولى بين دول المنطقة بنحو 90 مليون نسمة. ويتسع قطاع المطاعم في ضوء هذه الإحصائية الهامة يوماً تلو الآخر، ويجذب استثمارات ضخمة تصبو إلى استيعاب الطلب الاستهلاكي المتنامي.
حيث ينفق المصريون 40% من دخلهم الشهري على الطعام، وفقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهذا ما يفسر الإقبال الاستثنائي من قبل الشركات المحلية والعالمية على التوسع في إنشاء سلاسل المطاعم.
ولا تقف الإحصائيات عند هذا الحد، بل رصد الجهاز ذاته استقبال القطاع الغذائي مشتريات بقيمة 27.1 مليار دولار أميركي سنوياً. وتقتحم شركات تكنولوجية أو عقارية سوق المطاعم، وهو أمر لافت للنظر، وذلك بهدف تعويض تباطؤ النشاط الأساسي، في ظل الاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي أصابت أنشطة صناعية وتجارية وعقارية بالركود.
ويقول مدير الاستثمار بشركة "راية القابضة" كريم حسن، إن الشركة اتجهت في عام 2013 نحو مزاولة نشاط المطاعم لأول مرة في تاريخها. فخصصت ما يتجاوز أربعة ملايين دولار لإنشاء سلسلة مطاعم في المراكز التجارية الراقية، فضلاً عن استقدام خبراء طهي محترفين من دول العالم لتقديم أطعمة من ثقافات مختلفة مثل إسبانيا وغيرها.
ويضيف كريم لـ "العربي الجديد"، أن شركته رصدت فى أعقاب الثورة المصرية تداعيات الاضطرابات الاقتصادية والسياسية المتتالية، على مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والتكنولوجية باستثناء القطاع الاستهلاكي، وعلى رأسه المطاعم في ظل نمو التعداد السكاني بمعدل 2 % سنوياً.
ومن هنا تبدأ شركته بالتفكير بقوة في اختراق هذا القطاع الحيوي، وذلك من أجل الاستفادة من وتيرة النمو المتسارعة التي يتميز بها بين كافة الأنشطة الاقتصادية.
وربما تتسق هذه الرؤية مع مؤشرات ومستهدفات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد خلال العام المالي 2014- 2015 الصادرة عن وزارة التخطيط. فمن المستهدف أن يساهم الاستهلاك النهائي الخاص بنسبة 81.5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 186.9 مليار دولار أميركي. ويقول كريم: "يمكن تحقيق نوع من التكامل بقطاع المطاعم، وذلك لرفع الجدوى الاستثمارية للنشاط، عبر شراء محال مخصصة لمزاولة نشاط المطاعم وتأجيرها للغير، فضلاً عن إعداد وتوريد الأغذية والمشروبات للمطاعم".
بعد هجرة المطاعم الأوروبية للسوق المصرية عقب تبني البلاد توجهاً اشتراكياً مع قيام ثورة 1952، تعود هذه المطاعم مرةً أخرى، ولكن بعد مرور أكثر من 20 عاماً وتحديداً في 1973 تحت مظلة "الفرنشايز" التي تُعرف بـ "حق الامتياز التجاري". وتفتح هذه الطريقة أبواب السوق المصرية أمام مطاعم شهيرة، مثل "كنتاكي" و"ماكدونالدز" و"بيتزاهت" و"ويمبي". وتعتبر سوق "الفرنشايز" في مصر شاملة لعدة قطاعات، في مقدمتها المطاعم بنحو 108.2 مليارات دولار، وذلك وفقاً للجمعية المصرية لتنمية الأعمال باستخدام الخبرة العالمية "أفدا".
وتقتضي اتفاقيات "الفرنشايز" منح الشركات الكبرى علامتها التجارية لشركة أخرى بإحدى الأسواق، مع تقديم أنظمة التشغيل والتسويق وتزويدها بأنظمة رقابية، وذلك للتأكد من تطبيق معايير الجودة والتشغيل، مقابل شراء الاسم التجاري وسداد نسبة من المبيعات تتراوح بين 2% إلى 6% سنوياً. وهي نسبة تُسدّد حتى في حالة تكبد الشركة الحاصلة على الامتياز الخسائر بدلاً من الأرباح.
ويقول مدير إحدى سلاسل المطاعم الكبرى في مصر، علاء راغب لـ "العربي الجديد" إن "الالتزام بمطابقة المواصفات القياسية العالمية والمصرية، هو المفتاح الحقيقي لنجاح نظام الفرنشايز، وضمان اكتساب العلامة التجارية ثقة المستهلكين، والاستحواذ على حصة من سوق ضخم مثل سوق مصر. والأهم هو تقديم عروض سعرية جذابة تتلاءم مع رغبات المستهلكين، وفتح قناة اتصال للتعرف على ردود أفعالهم باستمرار".
ويوضح راغب أن هذه العوامل ترسم باستمرار خريطة سوق المطاعم في البلاد، حيث تشهد السوق المصرية خروج ودخول شركات جديدة من حينٍ لآخر، خاصة أن تثبيت الأقدام يتطلب وضع سياسة صارمة في التعاملات مع شركات توريد الأغذية، وذلك لضمان الالتزام بمستوى جودة مدخولات الإنتاج.
ووسط الحديث عن الإقبال الكبير على الاستثمار في قطاع المطاعم، لايمكن إغفال دورها في توفير فرص العمل، فيشير راغب إلى أن هذا القطاع يتميز بكثافة العمالة مروراً بكافة إداراته سواء في خدمة العملاء أو المطبخ أو التسويق.
أما على صعيد الجوانب الاستثمارية لنشاط المطاعم، فيُلقب الرئيس التنفيذي لشركة التوفيق للاستثمارات المالية، خالد أبوهيف، قطاع المطاعم بـ "قطاع النمو رغم الاضطرابات". ويقول "يكفي أن نرى أن ذلك النشاط يحقق ارتفاعاً في العائدات السنوية تتراوح بين 25% إلى 30%، وسط التحديات الاقتصادية التي انعكست على مداخيل المواطنين خلال السنوات الأربع الماضية".
ويؤكد أبوهيف لـ "العربي الجديد"، بأن "أصحاب المطاعم بإمكانهم استعادة رؤوس الأموال خلال أربع إلى خمس سنوات فقط، وهو مؤشر استثنائي لمعدل دوران رأس المال في الاقتصاد المصري، ولا يمكن تفسير هذا المعدل إلا عن طريق وصف المصريين بـ "ملوك الاستهلاك في المنطقة".
ويقول أبو هيف بأنَّ السوق مازالت قادرة على استيعاب المزيد من المطاعم، ويؤكد كذلك على أن القطاع يتميز بعوامل نجاح عديدة، مثل السلاسة في الحصول على القروض في ضوء العائدات الجيدة، بل أن المطاعم الجديدة نجحت في حجز مكان لها في السوق عبر رصد مخصصات مالية كبيرة للدعاية وتحديداً الحملات الإعلانية التلفزيونية.
المساهمون