القلق في العراق أثر على تراجع النمو

24 نوفمبر 2014
الخوف حتى في نفوس الاطفال (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
عاش العراق منذ عام 2003 الكثير من الأزمات والحروب والتفجيرات والموت. ومع ارتفاع حدة الأزمة انتشرت أعمال الخطف والسلب والقتل على الهوية والسطو المسلّح على المحال التجارية والمنازل. هذا الواقع سبب هجرة جماعية من البلاد، وزيادة في إجراءات الحماية. إلى أن دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى العراق، ليزيد نسبة الخوف والقلق.
وقد دفع الخوف العراقيين إلى اللجوء الى طرق مختلفة لمواجهته. وكانت كل تلك الطرق على حساب مستوى دخلهم البسيط.

خوف وحذر
ويقول الخبير الاقتصادي العراقي، ماجد الصوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشكلة الأساسية التي يعانيها العراق تتعلّق بالوضع النفسي للمواطن بشكل عام، "حيث يعيش المواطن منذ 2003 الخوف والحذر من أحداث غير مسبوقة وإجراءات قمعية ووضع لا يتوافر فيه الأمن والاستقرار والخدمات للمواطن العراقي".
ويضيف الصوري "هذا الوضع ولّد فعلاً الخوف لدى العراقي، كلفه صحيّاً وماليّاً ومعنويّاً". وإنّ "طوال 11 سنة الماضية هاجر عدد كبير من العقول من العراق، الأمر الذي أثر على إفراغ سوق العمل من اليد العاملة المتخصصة، وأثر سلباً على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
ويوضح الصوري أنّ "تداعيات الخوف أثرت على عمل الشركات في العراق، إضافة الى انسحاب بعض المشاريع من السوق، إضافة إلى عدم دخول استثمارات الى العراق بسبب الهاجس الأمني. مبيناً أنّ "الخوف من المستقبل، أدى الى حرص العراقيين على الادخار، وحصر الإنفاق في المواد الاستهلاكية الأساسية".
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "انتعاش الاقتصاد في أي بلد يتطلب توفير بيئة مناسبة"، ويوضح أنّ "البيئة العراقية غير المستقرة وقد أثرت بشكل كبير على وضع الخطة الاقتصادية وخلقت خللاً في عملية تحقيق التوازن والنمو في القطاعات".
ويضيف أنّ "الهجرة لعبت دوراً كبيراً في عرقلة النمو الاقتصادي، وخلقت خللاً وتكاليف باهظة أثقلت كاهل الاقتصاد العراقي. فضلاً عن أنّ المهاجرين هم من الكفاءات الذين هم في الأصل ينفذون الخطط ويساهمون في تنمية القطاعات الإنتاجية".
ويؤكد أنّ "الخوف من المجهول جعل حالة العراق غير مستقرة، وبالتالي أصبح النمو في البلد عشوائياً. وبرزت متطلبات أخرى في الموازنات ومنها الإنفاق على الإجراءات الأمنية والتسليح". ويشير أنطوان الى أنّ "هاجس الخوف وعدم استقرار حالة العراق أثّر على الخطط الاقتصادية البعيدة المدى".

اجراءات كثيفة
وقد دفع الخوف المواطنين الى نصب كاميرات مراقبة أمام منازلهم ومحالّهم التجارية، بحيث لا تقل كلفة الكاميرا الواحدة عن ألف دولار.
وتحول الخوف في العراق إلى عادة يومية. لا، بل دعت وزارة الداخلية أصحاب المحال التجارية الى "نصب كاميرات في واجهات محلاتهم لردع الإرهاب". كذلك دعت "أصحاب المحال والأحياء الصناعية وكراجات السيارات الى تكليف أشخاص معنيين بفحص السيارات بالمرآة العاكسة خوفاً من وجود عبوات لاصقة".
ويلفت عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية، محمد السعيدي، إلى أنّ "هاجس الخوف دفع الحكومة الى تشكيل المديرية العامة لحماية المنشآت والدوائر (أف بي أس)، لتتولى مهمة الحراسة".
ويضيف السعيدي لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه المديرية ضمت الآلاف من العناصر وخصصت لها موازنة كبيرة وسيارات وتدريبات، الأمر الذي كلّف الموازنة العراقية أموالاً طائلة".
ويشير الى أنّ "الشركات الخاصة اعتمدت على نفسها في توفير الحماية، من خلال تعيين أشخاص للحراسة الثابتة، فضلاً عن الحراس المتنقلين الذين يوفرون الحماية الشخصية". حيث أجبر الخوف المواطنين، وخصوصاً الأغنياء منهم، على استئجار أشخاص كحراس شخصيين، براتب شهري خوفاً من أعمال الخطف التي طالت الكثير من المواطنيين. ويؤكد السعيدي أنّ "هذه الإجراءات لها أكلاف كبيرة أثقلت كاهل الشركات الخاصة والحكومية".
المساهمون