استثمار لبناني بالتنشئة الاقتصادية

13 سبتمبر 2015
معهد لتعليم المفاهيم التربوية الحديثة(فرانس برس)
+ الخط -
منذ ثلاث سنوات بدأت سامية سعد في مركزها التربوي بالتعاون مع إحدى المدارس الموجودة في منطقة صيدا، جنوب العاصمة بيروت. استأجرت المبنى الخاص بالمدرسة لإعطاء دروس تقوية للطلاب مقابل بدل مالي بعد انتهاء الدوام المدرسي. إلا أن عراقيل عدة وقفت في وجهها، إلى أن استطاعت إيجاد الموقع الخاص بها في أحد الأحياء الداخلية لمدينة صيدا. لم تكن سعد ترغب في إنشاء مركز تعليمي خاص لإعطاء دروس تقوية، بل كان هدفها العمل على تنشئة المجتمع عبر تدعيم مفاهيم اقتصادية واجتماعية، وذلك عن طريق إعداد الطلاب للدخول إلى عالم المال والأعمال مستقبلاً. ولذا عمدت من خلال مشروعها، وبحسب تعبيرها، إلى وضع عناوين أساسية تعمل عليها.
بداية اصطدمت سعد بعقبة التمويل، خصوصاً أن المكان الذي استطاعت إيجاده بالموازنة التي لديها، كان عبارة عن مدرسة قديمة هُجرت منذ أعوام طويلة وتحتاج إلى تمويل ضخم لإعادة ترميمها بالكامل.
ولذا دخلت سعد في شراكة مع إحدى صديقاتها، إذ دفعت الأخيرة قرابة ثلاثة آلاف دولار للانطلاق بالمشروع مقابل نسبة 30 في المائة من الأرباح، في حين استعانت سعد بالأصدقاء لإعادة إحياء المبنى وترميمه في محاولة لتخفيض الأكلاف.
تقول سعد لـ"العربي الجديد": "رفضت الدخول في قروض مصرفية في تمويل مشروعي، وعمدت إلى الادخار من الأرباح التي بدأ المركز بتحقيقها واستثمارها في عملية التطوير والتجهيز".
تشير سعد إلى أن المشروع ينقسم إلى أقسام عدة؛ قسم مخصص للتعليم والعمل الاجتماعي وهو الأساس، حيث يستقبل المركز اليوم ما يزيد عن 65 تلميذاً من مختلف أحياء صيدا ومحيطها. أما القسم الثاني فيُعنى بالتدريب الصيفي.
أما القسم الثالث الذي يضمه المركز، فهو قسم تعليم طلاب الشهادات الرسمية، إذ يفتح المركز أبوابه بعد انتهاء الدوام المدرسي لاستقبال الطلاب الذين يريدون تحسين مستواهم التعليمي لاجتياز الشهادات الرسمية.
وتعد مبادرة "خطوة" القسم الأخير من أقسام المركز، إذ يقوم هذا المشروع على إعداد الدراسات اللازمة للمشاريع الصغيرة التي يقوم بها الشباب من مدينة صيدا لقاء بدل مالي أو نسبة معينة من أرباح المشروع.
توضح سعد أنها تعمل على أربعة مشاريع ضمن هذه المبادرة، إذ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تعمل على مشروع قدمته إحدى المعلمات يتمحور حول افتتاح مركز للدروس الخاصة لعدد محدود من الطلاب، فقامت سعد بإعداد الدراسات اللازمة بالإضافة إلى خدمات الصورة، كالهوية والرسوم الزخرفية التي يحتاجها المشروع.
ولم تهمل سعد في مركزها الأزمة السورية وانعكاساتها على القطاع التعليمي في لبنان عموماً وصيدا على وجه الخصوص، ونظراً لكون أبواب المركز مغلقة في فترات الصباحية، نظراً لعملها في قطاع التعليم، قررت بالتعاون مع منظمة الطفولة العالمية "يونيسيف" فتح أبواب المركز للطلاب السوريين لتعليمهم.

من حقك تكون الأول
وبالنسبة إلى الجدوى من المشروع، تقول سعد إنه في ظرف سنة واحدة في هذا المركز، استطاعت افتتاح هذه الأقسام التي تساعد وتضيف على الخدمة الأساسية التي افتتح المركز من أجلها؛ وهي التعليم ودروس التقوية. وتضيف أنه عند فتح المشروع سجل قرابة ثلاثة تلاميذ فقط، ولكن مع انتهاء السنة المدرسية، تطور العدد سريعاً، مع توقعات بالمزيد من النمو.
أما بالنسبة إلى التكاليف، فتقول سعد إن تكلفة الانتساب إلى هذه الدورات مقسمة بحسب الدورات، إذ يدفع الطالب بين 100 و250 دولاراً شهرياً. ويضم المركز ما يزيد عن 13 أستاذاً متخصصاً يعملون بالساعة، ويشتركون في تعليم كافة المراحل التعليمية.
وبشأن الخطوات المستقبلية، تؤكد سعد أنها بصدد التحضير لمبادرة جديدة تخص مدارس صيدا. وهذه المبادرة التي أطلقت عليها اسم "من حقك تكون الأول" تقوم على اختيار الطلاب الذين تراوح معدلات علاماتهم المدرسية بين 8 و11 عن عشرين والعمل عليهم مع انطلاق العام الدراسي للوصول بهم إلى المراكز الأولى في مدارسهم.
وعلى الرغم من أن المشروع تربوي بامتياز، إلا أنه لا يختلف عن المشاريع التجارية، فقد بيّنت الدراسة التي أعدتها سعد قبل افتتاح المشروع أنه خلال 5 سنوات على افتتاحه، سيتمكن المشروع من تحقيق مداخيل سنوية تصل إلى 160 ألف دولار أميركي يذهب قرابة 30 في المائة منها أرباحاً صافية، بعد حسم كلفة الإيجار التي تبلغ 12 ألف دولار سنوياً في السنة الأولى، و15 ألف دولار في السنوات المقبلة، إضافة إلى الرواتب والأجور.
واستطاعت سعد البدء بتحقيق الأرباح منذ الأشهر الثلاث الأولى على انطلاق المشروع، إذ بدأ المشروع بتحقيق مداخيل مكّنته من تغطية الأكلاف الشهرية وتحقيق هامش ضئيل من الأرباح استعملته كما سبق أن أشارت في "تطوير المشروع وافتتاح أقسام جديدة".
ومن هذا المنطلق تضيف سعد أن أي مشروع سواء أكان تعليمياً أم تجارياً يضيف أثراً على الاقتصاد اللبناني، إذ يساعد مركزها على وجه الخصوص في زيادة القدرة المالية للأساتذة العاملين معها في المركز، بالإضافة إلى تأمين وظائف موسمية لطلابها عبر ربطهم بالمؤسسات والجمعيات اللبنانية والعالمية التي تطلب متطوعين للأنشطة التي تقوم بها.

اقرأ أيضاً:شاب لبناني يتحدّى الأزمات بمطعم نوعي
دلالات
المساهمون