الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية

20 مايو 2015
الأدوات التكنولوجية تسهّل العمل الإداري (Getty)
+ الخط -
تعتبر إدارة الموارد البشرية المحرك الفعال لتطوير المؤسسات الاقتصادية والتجارية، فهي مجموع الأنشطة التي تسعى إلى جلب و توظيف وتنمية وإبقاء العنصر البشري في هذه المؤسسات، وتخص حركات التوظيف والتدريب والتخطيط والتقييم.

وقد سجلت إدارة الموارد البشرية قفزة نوعية مع بداية القرن الحالي، وانتقلت من إدارة شؤون العاملين إلى تنمية الرأسمال البشري، حيث أصبحت الموارد البشرية ثروة منقطعة النظير تحقق للمؤسسة ديناميكيتها، وترتقي بها في المستقبل باعتبارها إحدى المميزات التنافسية التي تستوجب التثمين والاستثمار.

وعلى هذا الأساس، نجد أن للعامل التكنولوجي دوراً كبيراً في هذه التغييرات، مما أفرز تحولات واسعة في مسؤوليات مدير الموارد البشرية، الذي أصبح خبيراً في الأمور الإدارية، مطلعاً على قوانين الشغل، له قدرة على التحليل النفسي، ومخططاً وصاحبَ رؤية استراتيجية، يحفز الموظفين وكذلك يسوّق لصورة المؤسسة في الخارج.

وبذلك، تمثل الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية مجموع الهياكل والقرارات والعلاقات الإلكترونية المستخدمة في تقديم ومزاولة وظائف إدارة الموارد البشرية في المؤسسات، من حيث الاختيار والتوظيف الإلكتروني، حيث يتم الإعلان عن الوظائف والتقدم لها فوراً عبر الإنترنت، ويتم التدريب والتنمية باستخدام الإنترنت والوسائط المتعددة والمحاكاة ودفع الأجور والرواتب من خلال المصارف الإلكترونية، وتتم الاتصالات والمفاوضات بين العاملين والمديرين والحكومة عن طريق شبكات الأعمال.

وعلى هذا النحو، أصبحت الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية تطبيقاً فعلياً لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تساهم في تحديث المحاسبة والمسائل الإدارية، والتفاعل بين الموظفين والمساعدة على اتخاذ القرار من خلال مخرجات دقيقة وواضحة، وكذلك عبر تسهيل التعاون، والتدريب، والتحفيز والمشاركة بالمؤسسة.

وفي هذا السياق، تمكّن الإدارة الإلكترونية من تخفيض التكاليف وإنجاز الأنشطة بفعالية كبيرة عبر تقديم الخدمات بشكل مبسط، ومباشر وسريع، ثم إرضاء العاملين بإعطائهم الفرصة في صياغة أعمال الموارد البشرية وإبراز رؤيتهم حول مستقبل المؤسسة.

وفي هذا الصدد، تتبوأ تكنولوجيا المعلومات مكانة كبيرة في إدارة الموارد البشرية، فهي تساعد من خلال الأنظمة المعلوماتية على توثيق العقود،و تسجيل وحفظ الإجازات المرضية، وكذلك مواكبة عمليات التقاعد والتغطية الصحية.

وعلى صعيد آخر، تُستعمل تقنيات الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية في كل مراحل التوظف من الاختيار، والتشغيل والاندماج، فهي تمكن من تحديد توصيف وظيفي دقيق والبحث عن المواصفات المطلوبة، معتمدة في ذلك على تقنيات الإنترنت، كالويبتراكينغ Webtracking ، الذي يقوم بالبحث عن الشخص المناسب للمنصب من خلال كلمات مفتاحية تدل على الكفاءات، والمسار التعليمي والخبرات.

على ذات المنوال، نسجل الوضع المتقدم للإدارة الإلكترونية للموارد البشرية في التدبير الاستشرافي لفرص الشغل والكفاءات بالمؤسسة، حيث تساعد أنظمة اليقظة والرصد على إظهار المتغيرات الطارئة في بيئة المؤسسة، وتحديد تبعاتها على توجهات القيادة، والمقصود هنا التطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والتنظيمية للأسواق، ثم الاستعانة بالبرامج المعلوماتية لتحديد حاجيات المؤسسة من الموارد البشرية حسب السن، النوع، الأقدمية، التخصص والخبرات المهنية، مما يتجلى في إنجاز خريطة الكفاءات كأحد التطبيقات المعلوماتية، التي ترسم الخطوط الناظمة لسياسة الموارد البشرية بالمؤسسة وتحليل السيناريوهات المستقبلية وآفاق هذه الإدارة.

و ينطبق ذات الأمر على أنشطة التدريب والتكوين بالمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتدخل البرامج المعلوماتية والتطبيقات التواصلية في بنية التدريب، عبر القيام بدراسة شاملة لمكامن الخلل بالمؤسسة، والتخطيط لبرنامج سنوي للتدريب يبين اختيارات المؤسسة، تناغمها مع توجهاتها الاستراتيجية، الأفراد المعنيين بالتدريب، مدته ومكانه والأهداف المرجوة منه، وبعد العمل على تنفيذ هذا البرنامج، يتم القيام بعملية تقييم للتدريب عبر استبيان حول مدى رضى الموظفين وحجم استفادتهم من التدريب، وكذلك كيفية استخدام تلك المكتسبات في الارتقاء بعمل المؤسسة.
(باحث وأكاديمي مغربي)

إقرأ أيضا: انطلاقة تونس نحو الاستثمار في الفضاء
المساهمون