فلسطين الخضراء.. ضحية الزحف العمراني العشوائي

30 سبتمبر 2015
العمران يزحف على أراضي فلسطين الزراعية (Getty)
+ الخط -
ترك الزحف العمراني آثاراً سلبية على مفهوم الأمن الغذائي الفلسطيني، فهو يلتهم الأراضي الزراعية، كما يؤدي إلى التصحر. ويحذّر مختصون من نتائج كارثية للزحف العمراني باتجاه الأراضي الزراعية في ظل غياب الرقابة، وكثرة جهات الاختصاص وعدم قيامها بواجبها.

مرج بن عامر في جنين، والذي يعتبر سلة فلسطين الغذائية، يعد أحد أهم ضحايا الزحف العمراني، فبعد أن كانت مساحته تبلغ أكثر من مائة ألف دونم قبل سنوات عدة، بدأ يتآكل، يوماً بعد يوم، بسبب الامتداد العمراني الذي بات يشكل خطراً متعاظماً عليه.

ويعتبر التوسع العمراني العشوائي في مدن الضفة الغربية، خصوصاً في مدينة جنين وبناء المنشآت الصناعية على حساب سهل مرج بن عامر، عاملاً قاتلاً للحياة الزراعية في هذا السهل الذي تبلغ مساحته 58210 دونمات.

فالامتداد العمراني في مدينة جنين جاء على حساب سهل مرج بن عامر، الممتد من شمال الضفة وحتى وسطها، استدعى تشكيل الحكومة لجنة وطنية للمخطط المكاني، للحد من هذا الامتداد العمراني، والذي تآكلت بسببه السهول الزراعية، وأدّت إلى وجود نقص كبير في المنتوج الزراعي، الأمر الذي أدّى تلقائياً إلى ارتفاع أسعارها وشح كمياتها.

يقول الخبراء، تبلغ مساحة الضفة الغربية خمسة ملايين و600 ألف دونم، 10% من تلك المساحة هي مناطق زراعية، من ضمنها سهول تمتد شمال الضفة الغربية وحتى الوسط، منها مرج بن عامر، والذي تبلغ مساحته 58210 دونمات، والذي يعتبر سلّة فلسطين الغذائية، ولكن للأسف، فإن الامتداد العمراني طاول السهول بشكل كبير، حيث يتآكل من هذه السهول ما نسبته 1% سنوياً، بالإضافة إلى أن الاحتلال سيطر على أجزاء من السهول شمال الضفة في طوباس والأغوار، كما أن نسبة عالية منها توجد بها ألغام، بالإضافة إلى معسكرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي تحيط به مساحات كبيرة يحرّم على الفلسطينيين دخولها.

ويؤكد الخبراء أن "الامتداد العمراني في مدينة أريحا شمال الضفة استنفد الأراضي الزراعية هناك، فالفلسطينيون يلجأون للبناء والتوسع في السهول لأن جبال أريحا صخرية جداً، ويصعب العمل فيها من قبل البلديات ووزارة الحكم المحلي وشركات الخدمات الأخرى، إذ كان البناء لا يغطي إلا ما نسبته بين 15 – 20% من مساحة أريحا، قبل نحو 20 عاماً، وأصبح يفوق الـ50% من مساحتها في الوقت الحالي والنسبة تتزايد بشكل كبير يومياً".

وتعتبر مدينتا رام الله والبيرة نموذجاً آخر لضحايا الامتداد العمراني على حساب المساحات الخضراء، كونهما تضمان المؤسسات الحكومية وأصحاب رؤوس الأموال. فقد أدّى توجّه المستثمرين إليهما، في الفترة الأخيرة، إلى توسعها بشكل كبير بفضل الامتداد العمراني الذي ألغى المساحات الخضراء فيهما، بالإضافة إلى توسعه حتى وصل إلى القرى المحيطة بها، مثل بيتونيا وسردا.

أمّا مدينة رام الله، فهي لا تختلف عن أي مدينة أخرى تمدّدت بشكل واسع خلال العقدين الأخيرين، وتضاعفت تقريباً حتى بلغت عدداً من القرى، مثل بيتونيا غرباً وسردا وابو قش شمالاً، الأمر الذي أدى إلى بناء الأحياء السكنية على حساب الأراضي الخضراء الموجودة داخلها، بحسب ما يؤكده العديد من الخبراء والمتابعين للشأن الزراعي في فلسطين.
ولا تختلف مدينة نابلس عن رام الله، فهي تتمدّد باتجاه رفيديا وبيت إيبا شمالاً، الأمر الذي ينعكس بدوره على حجم الزراعة في هذه المناطق الحيوية.
المساهمون