عطش لبنان... هموم المواطن اليومية مع مياه الشرب

27 مايو 2015
البحث عن مياه الشرب معاناة إضافية للبنانيين (أرشيف)
+ الخط -
لا تقتصر هموم اللبناني اليومية على السعي بلا كلل بحثاً عن لقمة عيشه، إذ عليه ‏أيضاً أن يحرق أعصابه يومياً وهو يبحث عن مأكل سليم وشراب نظيف لعياله. ‏فبعدما كشفت وزارة الصحة أن سلامة الغذاء في لبنان مشكوك فيها إلى حدّ كبير، ‏عادت لتكشف أن مياه الشرب المعبأة، التي يفترض بها أن تسدّ غياب خدمات الدولة ‏في هذا القطاع الحيوي، هي أيضاً غير سليمة، ولا يمكن التكهن بعواقبها على الصحة ‏العامة.

ففي لبنان، لا تتوفّر المياه بشكل منتظم، فمنذ السبعينيات حتى اليوم، نشهد انخفاضاً ‏في كمية المياه التي تضخ إلى المنازل. وإن وصلت عبر الشبكات فهناك شكوك كثيرة ‏حول صلاحيتها للاستهلاك البشري. فالشبكات هذه متهرئة والكثير من الدراسات ‏أثبتت مقدار التلوث فيها. لذلك يلجأ المواطنون إلى شراء المياه المعبأة. وبما أن الدولة ‏غائبة، ازدهرت تجارة توزيع المياه من قبل الشركات الخاصة على المواطنين. ‏وانتشرت على نطاق لبنان محلات لبيع المياه. أكثر من 80% منها، تعمل بطريقة ‏غير قانونية ومن دون ترخيص.


وبما أن الفوضى متفشية في قطاع المياه، حيث يعاني هذا القطاع من الشح ‏وغياب التخطيط والتوزيع العادل للمياه، تعمل هذه المحلات في ظل غياب مراقبة ‏الدولة، وقد ثبت أن معظمها يبيع مياهاً غير صالحة للاستهلاك وتفتقر إلى أدنى معايير ‏النظافة وأساليب التعقيم.

اقرأ أيضا: يوم غرقت بيروت

أظهرت الفحوص التي أجرتها وزارة الصحة أن كل المعامل ومحلات تعبئة مياه ‏الشرب غير المرخصة البالغ عددها 800، ملوثة بمياه الصرف الصحي بنسبة ‏‏90%. وفي ظل هذا الواقع، ما زالت بعض الجهات السياسية ترفض كل المحاولات ‏الهادفة إلى إصدار قوانين متعلّقة بإعداد المواصفات اللازمة لمياه الشفة. وبعضهم ‏يؤكد أن السبب هو المنافع الماديّة التي تحصل عليها، وإلا كيف تعمل هذه الشركات ‏من دون ترخيص؟ ومن يسمح لها بالعمل؟ ‏
بالرغم من الشكوك حول صلاحية هذه المياه وجودتها، فإن المواطن اللبناني يدفع ‏فواتير مرتفعة للحصول على مياه الشرب. تصل إلى 168 دولاراً سنوياً للمواطن ‏الواحد.

من جهة أخرى، يوجد في لبنان ثماني محطّات تكرير، عاطلة من العمل. هذه ‏المحطات لا تعمل لأنه ليس هناك من يشغلها. والسبب يعود إلى الشغور في الوظائف ‏بقطاع المياه، فالنسبة تصل إلى حد 80 في المئة. أمّا نسبة الـ 20 في المئة المتبقيّة فهي ‏مخصصة للوظائف المتعلقة بإدارة المياه ومواردها. ولكن، بالرغم من ذلك، هناك ‏مدراء يأخذون رواتب لإدارة هذه الماكينات المتوقفة من العمل.


لا يستطيع أحد نفي أن هناك مشكلة حقيقة في قطاع المياه، وهذه المشكلة تتراكم ويتم ‏عمداً تجاهلها، ما يؤدي إلى إضعاف هذا القطاع، ليتم خصخصته لاحقا، كما في بقية ‏القطاعات. الأمر الذي من شأنه أن يفضي إلى زيادة كلفة وصول المياه إلى المواطن.

‏ومشروع الخصخصة بدأ الترويج له منذ فترة عبر ما يسمى بالـ"البلوغولد". بالتأكيد ‏هذا المشروع لن يحل مشكلة المياه في لبنان، بل سيحولها من كونها حقاً طبيعياً ‏للمواطنين إلى سلعة تخضع للاحتكار. أمّا الحل الحقيقي فيبدأ عبر تحديث وتجديد ‏شبكات التوزيع وتوسيعها لتتمكن من الوصول إلى كل منزل، وأيضاً عبر إقامة ‏السدود في كل المناطق اللبنانيّة لتخزين المياه والحد من هدرها.‏
المساهمون