هل تظن أن رأيك دائماً هو الأصح؟ مهما كانت قدراتك في عالم كرة القدم، بحال كنت مدرباً أو لاعباً سابقاً، ناقداً رياضياً أو صحافياً أو حتى متابعاً جديداً أو مشجعاً "عتيقاً" ستجد أن ما تقوله لا يتوافق مع الجميع، إلا إذا كنت تظن نفسك كيم جونغ أون، وستفرض على الجميع ما تراه مناسباً بالقوة كما في كوريا الشمالية.
البداية كانت من فيسبوك، طرحت تساؤلاً حول اللاعب الأفضل بين الإيطالي أليساندرو نيستا والإسباني سرخيو راموس، وحصلت على حوالي 150 إجابة، في البداية وقبل وضعي لهذا المنشور، كنت أظن أن عدد الذين سيختارون قائد ريال مدريد لن يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
في الحقيقة كان عدد من اختاروا راموس كبيراً وكلٌ لديه مبرراته الخاصة، منها عدد الألقاب ومنها الأهداف التي سجلها، بينما كان رأي محبي نيستا أنه لا يُمكن مقارنته بسرخيو الذي يقع في العديد من الهفوات والأخطاء الدفاعية والقاتلة، وأنه أضعف من الإيطالي في الناحية الدفاعية.
الفكرة الثانية كانت وضع ثلاثة مهاجمين في الآن وقته، وكلّ واحد لديه شخصية مختلفة وصفات مغايرة للآخر، كنت أريد الوصول إلى أبعد حدٍ من التناقض والتأكيد على أنه من المستحيل الإجماع على تسمية المهاجم الأفضل في التاريخ أو في حقبة ما.
في زمن كورونا وخلال الحجري المنزلي انطلقت العديد من التحديات على مواقع التواصل الاجتماعي، منها اختيار الفريق المفضل والتشكيلة الأنسب، الأفضل تاريخياً أو حتى الأحب إلى قلبك، وكلّ ذلك لقي تفاعلاً كبيراً.
بالعودة إلى المهاجمين الثلاثة، اخترت الفرنسي المميز تييري هنري والسلطان السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والأوكراني أندرييه شيفشينكو، لم أضع بطبيعة الحال الظاهرة رونالدو مع الثلاثة لأنه لا مجال للمقارنة.
حصلت كذلك على أكثر من 200 تعليق، ولكلٍ شخص في الاختيار أسبابه، الأول يقول إن بداية شيفا مع دينامو كييف خرافية وما قدمه مع ميلان بعدها والكرة الذهبية، بينما يبرر الثاني اختياره لهنري أنه قام بنقلة نوعية في مفهوم المهاجم العصري وصولاً إلى موهبة زلاتان الخارقة للعادة واستمراريته في عالم كرة القدم حتى يومنا هذا، والشخصية التي يتمتع بها.
مهما كنت متابعاً لتاريخ كرة القدم، ومهما كان رأيك أو عملك مرتبطاً بهذا المجال، وحتى لو كنت "مخضرماً" أو باحثاً وتبني كلّ شيء على الأرقام، ستجد العديد من الأشخاص الذين سيخالفون معتقداتك وبشدّة، وهنا المشكلة الأساس.
بعضهم يحاول النقاش وتقديم التبريرات والذهاب معك إلى أبعد حدٍ ممكن لإقناعك، آخرون ستكون إجابتهم صادمة "ما بيفهم بالفوتبول"، هذه العبارة تحديداً تنتشر بشكلٍ كبير بين متابعي الكرة، ولكن رأيي أنها غير صحيحة.
لا تُغضب نفسك أو تغضب من الآخرين، لن تصل إلى نتيجة واحدة في كرة القدم ولا في السياسة ولا الغناء ولا الأفلام والمسلسلات ولا حتى الطعام، أنا لا أطيق رائحة السمك ولم أتذوقه يوماً أصلاً، ربما أنت مختلف، لكن لا تقل "ما بتعرف طعمة تمّك".
القصة مبنية دائماً على العاطفة وليس على التحليل إلا إذا كان الفارق شاسعاً كأن تضع بونيرا مثلاً إلى جانب مالديني، حينها لا يقدر الحب على المجابهة أو الوقوف في وجه المنطق. ما هو المنطق؟ إنه كلّما كان المستوى متقارباً كلّما كان اختلاف الآراء أكبر وشاسعاً أكثر.
في الحقيقة أريد شكر كلّ ما شاركني رأيه حول لاعبه الأفضل بين الذين ذكرتهم أو من خلال تشكيلته المفضلة، هذه اللعبة جميلة بكلّ تفاصيلها حتى لو تباعدت طرقنا، نحن ننتظر عودتها عمّا قريب حين تنتهي هذه الغمامة السوداء التي وقعت فوق رؤوسنا جميعاً، حتى ذلك الوقت لنسر على مقولة #معاً_نعزل_كورونا ولنبقَ في المنزل آمنين، تحياتي.