إنجاز تاريخي تحت عنوان "صنع في المغرب"، وحقيقة من حقائق بطولة كأس العالم 2022 في قطر، التي سطرت مشاركة عربية تاريخية، مثلما استضيف المونديال لأول مرة في بلد عربي.
هذا ما أكده نجاح المنتخب المغربي في الوصول إلى الدور ربع النهائي، كأول منتخب عربي في التاريخ ينجح في بلوغ منطقة الثمانية الكبار.
ولم يكن تأهل منتخب المغرب "قاهر الكبار"، مثل إسبانيا وبلجيكا في رحلته المونديالية، مفاجأة لمن تابع جيداً التطور الذي عاشته الكرة المغربية بشكل ملحوظ في عام 2022، ويكتب الآن السطور الأخيرة لمسيرته الذهبية، عبر مشاركة المنتخب في بطولة كأس العالم في قطر.
ونجح فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، الرجل الذي يدير الكرة منذ أكثر من 8 سنوات في المغرب، في صناعة الحدث، وترجمة الاستقرار الإداري إلى إنجاز مدوٍّ مع منتخب "أسود الأطلس" في كأس العالم، بالحصول على بطاقة التأهل إلى كأس العالم مرتين متتاليتين عامي 2018 و2022، ثم الفوز ببطاقة العبور إلى الدور ربع النهائي في النسخة الجارية.
ويُمثل الوصول مرتين متتاليتين إلى كأس العالم إنجازاً حقيقياً للمغرب، كما يمثل عام 2022 عام المجد بالنسبة إلى الكرة المغربية، حيث كان عام التألق للعديد من كبار لاعبيه حول العالم، وحصد الإنجازات الكبرى في أوروبا، مثل حكيم زياش، الذي تُوج مع تشلسي الإنكليزي بطلاً لكأس العالم للأندية، كذلك نافس ياسين بونو حارس مرمى إشبيلية الإسباني على لقب أفضل حارس مرمى في "الليغا".
من جهته، تألق زميله أشرف حكيمي مع باريس سان جيرمان، وفاز معه ببطولة الدوري الفرنسي الممتاز، ولمع عشرات اللاعبين في أوروبا، وصنعوا لـ"أسود الأطلس" قائمة قوية، اختار من بينها المدرب وليد الركراكي مجموعة من أفضل اللاعبين.
سيطرة المغرب لم تتوقف عند حد المنتخب الأول، بل الحجر الأساس وضعته الأندية في بطولات القارة السمراء خلال عام 2022، وهو عام المجد بالنسبة إلى المغرب، بعدما حوّل تعثره في بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة بالكاميرون إلى أمل كبير.
وكتب عام 2022 تفوق نادي الوداد الرياضي الذي حقق لقب بطل دوري أبطال أفريقيا بعد مسيرة مميزة للغاية، انتصر فيها على الأهلي المصري بهدفين دون رد في المباراة النهائية قبل أشهر قليلة، تحت قيادة مديره الفني وليد الركراكي، ليصبح بطلاً لأفريقيا، ويفتح الباب أمام سيطرة المغاربة بشكل عام على ألقاب بطولات الأندية، حيث تُوج نادي نهضة بركان المغربي بطلاً لكأس الكونفيدرالية الأفريقية لعام 2022، والتقيا معاً (الوداد وبركان) في كأس السوبر الأفريقي.
ومن ملامح الانتصار المغربي الكبير للكرة في عام 2022، نجاح الجامعة الوطنية، بالتعاون مع الجهاز الفني للمنتخب المغربي، في إقناع العديد من اللاعبين المهاجرين إلى أوروبا في اختيار اللعب لـ"أسود الأطلس"، رغم حيازتهم جنسيات أخرى، والظهور في بطولة كأس العالم، واستقدام لاعبين صغار السن، يمكنهم تقديم إضافة قوية للمنتخب الوطني في السنوات المقبلة.
وكتب عام 2022 نجاح المغرب في إقناع العديد من كبار اللاعبين في القيمة الفنية باختيار اللعب للمنتخب المغربي، يتصدرهم الموهبة الصاعدة بقوة عبد الصمد الزلزولي، الذي لمع مع برشلونة الإسباني، وأحد أهم اكتشافات تشافي هيرنانديز، المدير الفني للفريق الكتالوني.
وانضم أيضاً إلى المنتخب هداف قدير في الملاعب الإيطالية، هو وليد شديرة، الذي بات يمثل مستقبل الفريق في السنوات المقبلة. ويحسب للمدرب الركراكي نجاحه، مثلما اكتشف لاعبين صاعدين، في اختياره أسماءً لامعة ابتعدت لفترة عن صفوف المنتخب، لتشارك في صناعة المجد الكبير، مثل حكيم زياش وعبد الرزاق حمد الله ونصير مزراوي، الذين كانت لهم خلافات حادة مع المدرب السابق وحيد حاليلوزيتش قبل إقالة الأخير من منصبه.