ماذا يحصل بعد خسارة فريقك؟

13 مارس 2021
كرة القدم تؤثر بالعمل في اليوم التالي (Getty)
+ الخط -

غابت الجماهير عن الملاعب لأكثر من عامٍ تقريباً، بفعل جائحة كورونا التي غيّرت عالم كرة القدم والرياضة عموماً.

تأثير الجماهير ربما كان كبيراً بكرة القدم من الناحية الاقتصادية والمالية، ما أدّى إلى خسائر كبيرة، وغياب الجماهير أيضاً عن المدرجات أثّر ببعض الفرق، مثل ليفربول، واللاعبين سلباً، فيما استفاد آخرون منه بفعل هبوط نسبة الضغوط.

رغم كلّ هذه الظروف، تبقى كرة القدم عنواناً لتنفس الشعوب حول العالم، وهو ما تؤكده منصات التواصل الاجتماعي في ظلّ الإغلاق العام في العديد من دول العالم، وهو ما زاد الاهتمام بالمباريات والأخبار وتفاصيل اللاعبين أكثر من ذي قبل، مع العلم أن التأثّر بنتائج الفرق بات أكثر ضراوة على السوشيل ميديا من ذي قبل.

وهنا يُطرح سؤالٌ مهم: إلى أي مدى يكون لتلك المباريات تأثير بجزء من حياتنا اليوم، وهل من الممكن أن تمتد إلى مجالات أخرى خارج إطار السوشيال ميديا؟

كرة القدم تعتبر بطبيعة الحال مساحة مميزة تهمّ الكثير من الأشخاص، ولكلّ فردٍ فيها خبرات وتجربة مختلفة عن الآخر، بعض المشاهدين مثلاً يمتلكون معرفة أكبر، وآخرون يتأثرون تلقائياً بأيّ حادث.

سنعود اليوم إلى دراسة أُجريت في عام 2015، تحدّثت عن تأثير المباريات بالمشجعين في حياتهم اليومية، وهي مبنية على علم النفس، قام بها فريق بقيادة باناجيوتيس غكورزيس من جامعة أرسطو في ثيسالونيكي، واختبر كيف تؤثر هذه الرياضة بأدائك في العمل باليوم التالي، وبعدها يمكننا كلنا، مهما كان عملنا، أن ندقق ونلاحظ كيف نتأثر في الذي يلي خسارة فريقنا أو فوزه، تقديمه مستوى مميزاً والانتصار بأريحية أو المعاناة طوال الدقائق التسعين.

أخذ الباحثون يومها عيّنة من 41 ضابطاً في وحدة عسكرية يونانية، وكانت تلك طريقة ملائمة للحصول على عينات مناسبة، خاصة أنهم تجمّعوا من مختلف أنحاء البلاد، أي أنّ توجهاتهم وطريقة تفكيرهم وميولهم الرياضية كانت مختلفة، منهم من كان يدعم الفرق الكبرى هناك على غرار أولمبياكوس وباناثينايكوس، وصولاً إلى فرق صغيرة ومتوسطة مثل هرقل وجيانينا.

بعد ظهر كلّ يوم اثنين، باعتبار أن معظم مباريات الدوريات تنتهي بعد يومي السبت والأحد، قدّم المشاركون ملاحظاتهم على أداء فريقهم في اليوم السابق (مع العلم أن يوم الأحد يوم المباريات الرئيسي في اليونان، أي الطبق الدسم الذي تنتظره الجماهير).

أوضح المشاركون مدى رضاهم عن أداء فريقهم، وتحدثوا عن وضعهم في اليوم الحالي، الاثنين، منهم من عبّر عن مشاعرهم السلبية، التي صنّفوها باستخدام كلمات مثل الانفعال والانزعاج والتوتر.

كان الرضى من عدمه عن مباراة فريقهم يوم الأحد مرتبطاً بمشاعرهم السلبية يوم الاثنين، كذلك كان الأداء الضعيف لبعض الأندية قد وضع المشجعين في مأزق.

هل أثّرت هذه المشاعر بأداء العمل؟ اعتقد المشاركون ذلك: عندما كانوا في حالة تأثّر بما حصل في اليوم السابق، صنّفوا أنفسهم على أنهم أقلّ انشغالاً واهتماماً في عملهم وأقل تكريساً له، واعتبروا أن متابعة العمل جاء بنشاط أقل من المعتاد، حتى إن عبارة "أديت أداءً جيداً اليوم"، كانت نادرة الاستخدام بينهم.

يرى الباحثون أنه عندما يكون مشجعو كرة القدم غير راضين عن أداء فريقهم، فإنهم يعانون من تأثير سلبي يجعلهم أقل مشاركة في عملهم، ما يؤدي بدوره إلى أداء وإنتاجية أقل.

كرة عالمية
التحديثات الحية

بحث فريق "Gkorezis" أيضاً عن تأثير يوم المباراة في المشاعر الإيجابية للمشاركين، مثل الشعور بالإلهام واليقظة والحماسة، لكنهم فشلوا في العثور على أي منها. قد يكون هذا لأن الحالات الإيجابية عادة ما تكون أقصر من الحالات السلبية، أي إن نشوة الانتصار تختفي بسرعة مقارنة بمرارة الهزيمة وحسرتها.

نصح فريق الباحثين بأن يأخذ المديرون في العمل هذا الأمر بالاعتبار، وأن يُوضَع ضمن حساباتاهم، على مبدأ أن اليوم التالي لخيبة الأمل الكروية قد يعني أن المشجع/ الموظف لن يكون في أفضل حالاته للشروع بمهام تتطلب مشاركة وتركيزاً عالياً، وهنا يفضل تشكيل عمل جماعي في محاولة رفع الروح المعنوية لأولئك العاملين، من خلال محاولة تأثير البقية في الجو العام.

النظرة العلمية
تعتبر رياضة كرة القدم الأميركية رائدة في البلاد. في عام 2017، أعدّ موقع "بيتر باي توداي" مقالاً عن تأثير كرة القدم بعقلنا وجسدنا في أثناء متابعة المباراة.

ويقول الدكتور ريتشارد شوستر، عالم النفس الإكلينيكي، إنه عندما يفوز فريقك أو يلعب بنحو جيد "يبدأ عقلك بإطلاق الناقل العصبي، أي مادة الدوبامين (مادّة عضوية تصنّف كيميائياً ضمن الكاتيكولامينات والفينئيثيلامينات. تُفرَز هذه المادّة في جسم الإنسان)، والأخيرة تشارك مباشرةً في تنظيم نسبة المكافأة والمتعة في الدماغ واللذة كذلك".

وبحسب الطبيب، فإن كلّ ذلك مرتبط بالناقلات العصبية والمواد الكيميائية التي ينتجها الدماغ لتنظيم الحالة المزاجية، وللهرمونات دورٌ أيضاً في ذلك.

على العكس من ذلك، عندما يكون أداء فريقك ضعيفاً أو يخسر، ينتج دماغك الكورتيزول، وهو هرمون يصنع في الغدد الكظرية ويطلقه جسمك عندما تكون تحت الضغط، ووفقاً لشوستر، "الأسوأ من ذلك، أن أدمغتنا قد تنتج كمية أقل من السيروتونين، ما قد يؤدي إلى زيادة الغضب والاكتئاب".

المساهمون