كيف لعبت المتمردة أوساكا دوراً في أولمبياد طوكيو؟

19 يوليو 2021
نجمة التنس اليابانية نعومي أوساكا (Getty)
+ الخط -

في ولاية فلوريدا الأميركية، حيث يجتمع أفضل لاعبي التنس الشباب في العالم، من أجل المنافسة، كانت النجمة اليابانية نعومي أوساكا البالغة من العمر حوالي 10 أعوام، تستعد لمباراة في بطولة "أورانج بول" المرموقة، ضد منافستها اليابانية.

وسمعت أوساكا منافستها تتحدث مع فتاة يابانية أخرى، ولم تعلما بأن نعومي تستمع إليهما وتتحدث اليابانية، بحسب ما قالته لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، مضيفة أن صديقة منافستها سألتها عمن ستلعب ضدها في المباراة، لتشير إليها بقولها "تلك الفتاة السوداء".

لكن أوساكا تمسكت بأصلها، وقررت في عام 2019 التخلي عن الجنسية الأميركية، مقابل حصولها على الجنسية اليابانية، بسبب حُبها وتعلقها بتراث بلد والدتها، وبالفعل تألقت كثيراً في ملاعب التنس، وحصلت على الكثير من الألقاب، أهدتها لبلادها.

ومع بداية شهرة أوساكا في عالم التنس، برزت قضيتها في المجتمع الياباني بشكل كبير، كونها تتصرف بشكل طبيعي أثناء سيرها في شوارع المدن، ولديها تصريحات سياسية قوية، جعلت الجميع يتحدث عن شخصيتها المثيرة للجدل، وبخاصة ما فعلته في إحدى البطولات بأميركا، عندما ارتدت قبعة تظهر دعمها المطلق لحركة حياة السود مهمة، عقب حادثة مقتل المواطن جورج فلويد على يد أحد رجال الشرطة.

وعلمت أوساكا بأنها قامت باستحداث أمر جديد في اليابان، التي يتمسك شعبها بالعادات والتقاليد، ويتجنب الصراع والدخول في الجدال، ولا تهمه الفردية لأي شخصية، لأن الانسجام هو الأهم، حتى لا ينعكس ذلك على عملك أو احترافك، بحسب ما ذكرته شبكة "بي بي سي" البريطانية.

شخصيتها القوية مع بداية شهرتها، وتصريحاته حول بلاد والدتها، شكّلت أكبر دعاية مجانية لليابان، التي قدمت ملف استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2020، التي تم تأجيلها في العام الماضي، بسبب أزمة فيروس كورونا.

المتمردة أوساكا كما يحلو لوسائل الإعلام اليابانية وصفها، شكّلت قوة إضافية لبلدها في نيل حق استضافة الأولمبياد، بعدما استغلت تسليط الأضواء عليها، نتيجة تألقها في رياضة التنس، وكانت دائماً ما تدعم بلادها في تصريحاتها، وبعد نيل حق الاستضافة عبّرت عن سعادتها الكبيرة.

لكن أوساكا تعيش في الفترة الحالية أزمة كبيرة في مسيرتها، بعدما انسحبت من بطولة "رولان غاروس"، بسبب عدم موافقتها على إجراء المؤتمرات الصحافية، نتيجة تعرضها لحالة من الاكتئاب، لتصدم الجماهير الرياضية بعدم مشاركتها في بطولة "ويمبلدون" أيضاً، عقب تهديد القائمين على بطولات "الغراند سلام" بعدم السماح لها بالمشاركة في البطولات، في حال أصرت على قرارها، بعدم التحدث لوسائل الإعلام.

اكتئاب أوساكا يدخل ضمن دائرة كبيرة من سلسلة مرض مُنتشر بكثرة في اليابان. لذلك، بات القائمون على اللعبة يتخفون من إقدامها على الانتحار، لا سيما بعد الحادث الذي هز اليابان، عندما انتحرت المصارعة المحترفة هانا كيمورا.

وبحسب الإحصائيات والأرقام، فإن عدد الأشخاص في اليابان، الذين قاموا بالإبلاغ عن مشاكل في صحتهم العقلية أو التعرض لأزمات نفسة تضاعف بشكل مخيف من عام 1999 إلى 2014، وبخاصة أن المجتمع ينظر إلى تصرفات، الذين لم يبلغوا سن الـ40 كأطفال صغار.

رياضات أخرى
التحديثات الحية

وأدى ضعف اعتراف الرياضيين بمشاكلهم النفسية أو العقلية إلى حالة من الضعف العام، ما جعل الشعب الياباني يتجنب الحديث عمّا يدور بنفسه، لكن أوساكا استطاعت استغلال شهرتها، وأصبحت أول رياضية يابانية تتحدث بشكل علني عن الأمر.

صحيح أن المجتمع الياباني يعامل أوساكا وغيرها من مواطني بلدها مختلطي العرق، على أنهم غرباء عنهم، لكن نجمة التنس أثبتت للجميع، أنها من جيل تطور بشكل كبير عن الجيل السابق، وتمكنت من استخدام سلاح الإنترنت والقنوات التلفزيونية لصالحها، وبطرق لا حصر لها.

واستطاعت أوساكا فهم الشعب الياباني بشكل جيد، بعدما كان مُنغلقا على نفسه في الستينيات أو الثمانينيات والتسعينيات، لأن العالم أصبح عبارة عن قرية صغيرة، ويمكن لأي شخص أن يتواصل مع من يريده بسرعة، وهذا الأمر استفادت منه اليابان بشكل كبير، بعد نيلها حق استضافة دورة الألعاب الأولمبية.

المساهمون