كرة القدم النسائية ترفع راية التمرد.. من إسبانيا إلى فرنسا

03 مارس 2023
أزمات متشابهة في فرنسا وإسبانيا (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

تشهد أروقة الاتحاد الفرنسي لكرة القدم أزمة خطيرة منذ أيام قليلة، كان عنوانها تمرد لاعبات المنتخب الفرنسي لكرة القدم، وذلك قبل أشهر قليلة من مشاركة المنتخب في نهائيات كأس العالم، التي ستحاول خلالها الفرنسيات تأكيد التطور الذي يشهده مستوى المنتخب في المواسم الأخيرة واقترابه من منافسة المنتخبات القوية.

وتعود فصول الأزمة الجديدة والخطيرة إلى بيانات صادرة عن عدد من اللاعبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اشترطت كل واحدة منهن إقالة المدربة كورين دياكر للمشاركة في نهائيات كأس العالم، وأبدين استعدادهن للمضي قدماً في تطبيق هذا القرار واستحالة التراجع عن هذه الخطوة، في مواجهة واحدة من أبرز نجوم عالم التدريب بما أن دياكر كانت أول امرأة تقود تدريبات فريق رجالي محترف في فرنسا، وهو ما جعلها تكتسب شهرة كبيرة في فرنسا في السنوات الأخيرة، وتزاحم لاعباتها من حيث النجومية، كما أنها معروفة بقوة الشخصية.

وقبل التطرق إلى أصل الخلاف بين اللاعبات والمدربة، فإن القضية طرحت إشكالاً كبيرا، وهو أن إعلان مقاطعة نهائيات كأس العالم بسبب المدربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يترك أمام الاتحاد الفرنسي خياراً غير التعامل مع الأزمة بشكل جدي، بما أن موقف اللاعبات كان واضحاً وصريحاً، ولم يتركن حلولاً أمام الاتحاد، فإما المضي في قرار تثبيت المدربة بالنظر إلى أنها عقدها ما زال ممتداً ولا وجود لأسباب منطقية لإقالتها من منصبها، أو قبول طلبات اللاعبات وهو ما سيشكل ضربة قوية لكرة القدم الفرنسية، باعتبار أن الاتحاد سيكون في موقف ضعف طالما أن اللاعبات فرضن شروطهن.

أمّا أسباب الأزمة، فتعود إلى خلاف بين عدد من اللاعبات مع أسلوب عمل المدربة وغياب التواصل من الناحية الإنسانية، حيث تذمرت اللاعبات في وقت سابق من تصرفات المدربة وطريقة تعاملها، وقد اندلعت أزمات في الأشهر الماضية، ولكن الاتحاد نجح في كل مرة في احتواء الموقف، ولكن هذه المرة تكونت جبهة تعارض وجود المدربة، ولهذا كانت الأزمة معقدة، خاصة أن أول لاعبة أعلنت التمرد، وهي ويني رينار، تُعتبر من نجمات المنتخب الفرنسي، وهي من اللواتي يحظين بدعم كبير بعد مسيرتها الكبيرة والطويلة.

وأيضاً هناك المهاجمة كاتوتو، وتُعتبر لاعبة مؤثرة للغاية ولها وزن كبير في المنتخب، كما أن الأزمة اشتدت بعد أن وجدت اللاعبات المتمردات على المدربة دعماً كبيراً من نجوم كرة القدم النسائية في فرنسا من خلال منشورات تساند هذه الخطوة وتدعمها، وهي خطوة إضافية دفعت الاتحاد الفرنسي إلى التطرق جدياً إلى أسباب هذه الخطوات التصعيدية غير المسبوقة في كرة القدم الفرنسية، ليُتّخذ قرار أول بعقد جلسة مع المدربة يوم 9 مارس/آذار بهدف فهم خلفيات ما أقدمت عليه اللاعبات، وربما بحث حل وسط يُنهي الأزمة بشكل لا يحرم فرنسا من خدمات أفضل اللاعبات مع ضمان نجاح المنتخب في المرحلة القادمة.

وأرجعت بعض المصادر الإعلامية الفرنسية، مثل "ليكيب"، إقدام اللاعبات على هذه الخطوة إلى محاولة الاستفادة من الخلاف الحاصل بين رئيس الاتحاد الفرنسي المستقيل، نويل لوغيرت، مع المدربة، حيث كان يرغب في إقالتها من منصبها معتبراً أن نتائج منتخب فرنسا لم تسجل تحسناً كبيراً في السنوات الأخيرة، إضافة إلى أن المدربة على خلاف متواصل مع محيطها ولها أزمات مع العديد من الأطراف.

ورغم أن الخطوة التي قامت بها اللاعبات حصلت قبل أيام قليلة من موعد الكلاسيكو في فرنسا بين باريس سان جيرمان وأولمبيك مرسيليا، وهو حدث كبير يشغل الجماهير في فرنسا، فإن الحادثة كانت محور نقاش وجدل كبير بالنظر إلى أنه لم يسبق أن تمرد لاعبون/ لاعبات على المنتخب بمثل هذه الطريقة، ذلك أن النجمات طالبن صراحة بإقالة المدربة من منصبها كشرط أساسي للعودة، إضافة إلى أن التحرك كان جماعياً، ما يعني أنه كان مخططاً له وباتفاق كل اللاعبات.

وذكّرت الخطوة التي قامت بها لاعبات منتخب فرنسا بالتصرف الذي أقدمت عليه 15 لاعبة من المنتخب الإسباني، في الصيف الماضي، بقيادة صاحبة الكرة الذهبية مرّتين أليكسيا بوتياس، حيث وجهت اللاعبات رسالة إلكترونية إلى الاتحاد الإسباني يطالبن بإقالة المدرب جورج فيلدا من مهامه.

وقرر المدرب فيلدا تجاهل اللاعبات وعدم توجيه الدعوة إليهن لمباشرة التحضيرات، وقد استغنى عن أسماء مهمة ولها تأثيرها في نتائج المنتخب بسبب الخطوة التي أقدمن عليها.

كما رد المدرب الإسباني على قرار اللاعبات، وقال حينها: "أتحدى أي لاعبة أن تواجهني، كلّ ما يثار بخصوص قلة الاحترام تجاه اللاعبات غير صحيح، لقد آلمني كثيراً كل ما وقع ذكره في الأيام الماضية وعشت أوقاتاً صعبة، لقد أردنا وضع برنامج تحضيرات يساعدنا على الإعداد جيداً لنهائيات كأس العالم بمواجهة منتخبات قوية، ولكن أعتقد أن الضغط القوي أثر في بعضهن ودفعهن لمراسلة الاتحاد، ورغم ذلك أؤكد أنه لم يقع الضغط على أي لاعبة وكل ما يقال غير سليم".

وكان موقف الاتحاد الإسباني حينها قوياً، بعد أن قرّر تثبيت المدرب ودعمه وعدم قبول طلبات اللاعبات، معتبراً أنه المسؤول الأول عن التحضيرات واختيار اللاعبات، وبالتالي فلا مجال للتراجع.

المساهمون