يقول المثل إنّ وراء كلّ رجل عظيم امرأة، ويمكن لكيامريان عباسوف أن يشهد على صحة هذا المثل، لا بل يبصم بأصابعه العشر.
اليوم، عباسوف، 29 عاماً، يُعتبر أحد أبرز المقاتلين في الوزن الوسط في العالم، وهو متربّع على عرش بطولة "ون" العالمية للوزن، ويستعدّ لمواجهة أحد أصعب اختباراته القتالية ضد الأميركي كريستيان لي في الحدث الرئيسي لعرض ONE Fight Night 4.
نشأة عباسوف وبدايته
وُلد عباسوف عام 1993 في بيشكيك، عاصمة قرغيزستان، وبدأ رحلته مع الفنون القتالية بالمصارعة اليونانية-الرومانية عندما كان شاباً. مدربه الأول كان عمه، المدرب الشهير يعقوب علييفا. شكلت المصارعة جزءاً مهماً من ترسانته الهجومية في فنون القتال المختلطة، لكنه لم يكتفِ بذلك بل حاول تطوير أسلوبه القتالي بتعلمه لفنون الملاكمة. في سن الثامنة عشرة، دخل المقاتل الشاب القفص لخوض نزاله الأول. وسرعان ما ظهرت موهبة عباسوف الذي حقق أربعة انتصارات متتالية.
طموحاته الكبيرة دفعته للانتقال إلى روسيا، بحثاً عن فرص أفضل في فنون القتال. وهناك، انضم إلى فريق نوفوروفايت عام 2015، حيث أثمرت جهوده الكبيرة سريعاً، ونجح في إحراز بطولتين.
والدته مصدر إلهامه
يوم الجمعة 25 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، بلغ البطل القرغيزي قمة فنون القتال المختلطة، بعدما هزم زبازتيان كاديستام وانتزع منه اللقب العالمي للوزن الخفيف في "ONE: DAWN OF VALOR". في تلك اللحظة المفصلية في حياة عباسوف ومسيرته الاحترافية، كشف المقاتل أنه مدين بكلّ نجاحاته لوالدته نونا علييفا، قائلاً: "طوال حياتي، كانت دافعي الرئيسي وإلهامي".
بالفعل، كانت أمه تتمتع بروح قتالية عالية، مكّنتها من مواجهة الظروف الصعبة لتربية أولادها، انفصل الوالدان، ورحل الوالد تاركاً عباسوف وحيداً، في سن الثالثة من عمره، إلى جانب أخته ووالدته، التي لم تستسلم يوماً.
عملت الوالدة بأكثر من وظيفة في وقت واحد لتوفير ما يكفي من طعام وملابس لطفليها. عباسوف يتذكر تلك التفاصيل، قائلاً: "لم نتلق أي دعم مالي من والدي.. كان على والدتي آنذاك أن تقاتل من أجلي، والآن أنا أقاتل من أجلها. أشعر أنه من واجبي مساعدتها والاعتناء بها".
يدين عباسوف بالفضل لوالدته، وفي هذا الشأن يقول بكل امتنان: "لم أصبح مقاتلاً محترفاً في الفنون القتالية المختلطة من أجل الشهرة، بل إن السبب الرئيسي هو جعل حياة والدتي أسهل، كان ردّ الدين لها بعد تلك السنوات التي دعمتني فيها بلا كلل".
لم يكمل عباسوف دراسته، على الرغم من عدم موافقة أمه، وعمل في ورشة لإصلاح السيارات، بعد حصوله على أوّل راتب، اشترى لها هاتفاً محمولاً جديداً في لفتة تظهر أن الابن حفظ جميل والدته عليه.
انتصارات مذهلة وإمكاناتٌ خارقة
حقق عباسوف سلسلة انتصارات مذهلة في بداية مسيرته الاحترافية. في آذار/ مارس 2018، حظي عباسوف بفرصة الانضمام إلى "ون" أكبر منظمة في فنون القتال. هيمن على واحد من أفضل المصنّفين، أجيلان ثاني، في ذلك العام، ثم أطاح بأسطورة الفنون القتالية اليابانية، يوشين أوكامي، بطريقة مذهلة، وحقق عباسوف بسجله (23-5) خمسة انتصارات وهزيمتين في بطولة "ون".
ويمنح مزيج من فنون المصارعة والملاكمة، "برايزن" إمكانات قتالية متنوعة تساعده على التحكم في الخصوم والسيطرة عليهم، ويُعد عباسوف "سترايكر" قويا يمكنه إنهاء النزال في التبادلات الارتجاجية للكمات والركلات. ونجح ابن مدينة بيشكيك بفضل لكماته الإرتجاجية وضربات الركبة المؤلمة، في الفوز على يوشين أوكامي بالضربة القاضية، وعلى جيمس ناكاشيما خلال الصراع على اللقب العالمي لـ "ون" في وزن الوسط، إلى جانب قوته البدنية، تعد عقلية المحارب القرغيزي غير قابلة للكسر أحد مفاتيحه في صنع الإنتصارات.
لا يتراجع عباسوف إلى الخلف خلال النزال حتى عندما يشعر بتفوّق المنافس وقوته، لأنه يملك الأسلحة الفعّالة لردّ الهجمات القاسية في أي وقت، ويبدو كسر هيمنة النجم القرغيزي على لقب الوزن الوسط أمراً صعبا على الأقل في الوقت الراهن.
ربما سيكون لبطل العالم للوزن الخفيف كريستيان لي، رأي مختلف وعليه إثبات ذلك عندما يواجه عباسوف يوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.