استمع إلى الملخص
- تتعدد أسباب الظاهرة، منها كثرة المباريات والإجهاد البدني والضغوط النفسية من المدربين والجماهير، حيث تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً سلبياً في زيادة الضغط.
- تبرز أهمية تجهيزات طبية متكاملة في الملاعب وتوعية اللاعبين للحفاظ على صحتهم واتباع نظام حياة صحي لتجنب الحوادث المأساوية.
عادت دراما الملاعب مرة أخرى، خلال الفترة الحالية، بعد انتشار السقوط والإغماء بين اللاعبين، وتوقف عضلة القلب، ما أدّى إلى وفاة عدد منهم دون مقدمات، أثناء خوض المواجهات مع أنديتهم، ما أثار قضية مهمة للغاية، وهي التجهيزات الطبية والإسعافات الأولية، التي كانت يسارع فيها المُسعفون إلى علاج مشاكل ارتطام الرؤوس والارتجاج والخلع والكسر وغيرها من الإصابات، التي تُنهي مسيرة أي رياضي.
وظهرت دراما الملاعب أخيراً في ملاعب الدوري الإيطالي، أمس الأحد، عندما سقط نجم نادي فيورنتينا، إداوردو بوفي (22 عاماً)، بعد مرور 16 دقيقة من بداية المواجهة ضد الإنتر، وسط صدمة وذهول الجميع، بمن فيهم لاعبو الفريقين والأجهزة الفنية والجماهير الحاضرة بالمدرجات، فيما تدخلت الأجهزة الطبية لتقديم الإسعافات الأولية، وبعدها جرى نقله إلى أحد المشافي القريبة لوضعه تحت المتابعة والعناية الطبية. وتأجلت المواجهة بين فيورنتينا والإنتر، بعدما تعرض جميع الموجودين في الملعب لصدمة، فيما حرص بعض لاعبي الفريق على مرافقة صاحب الـ 22 عاماً إلى المستشفى، الذي يبعد سبع دقائق فقط من ملعب اللقاء.
ظاهرة سقوط النجوم تكررت خلال السنوات الماضية بكثرة، وعاشت الجماهير في بعضها لحظات عصيبة للغاية، بعدما فارق العديد من اللاعبين الحياة، مثل أسطورة الكرة التونسية، الهادي بن رخيصة، الذي تُوفّي في عام 1997، أثناء المباراة الودية أمام ليون الفرنسي، بالإضافة إلى الكاميروني مارك فيفيان فويه، الذي كان يلعب مع منتخب بلاده ضد كولومبيا، في نصف نهائي كأس القارات 2003، وصولاً إلى الدنماركي كريستيان إريكسن، الذي نجا من الموت، بعدما جعل جماهير بطولة "يورو 2020"، تقف على أعصابها، نتيجة توقف عضلة قلبه في المباراة أمام فنلندا.
لكن دراما الملاعب عادت مرة أخرى إلى الدوري الإنكليزي الممتاز، وتحديداً في شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2023، عندما سقط نجم نادي لوتون تاون، توم لوكير، فوق أرض الملعب، كما عاشت الجماهير المصرية لحظات عصيبة، بعدما أُعلنت وفاة النجم المصري، أحمد رفعت، الذي سقط في المباراة بين فريقه مودرن سبورت (فيوتشر سابقاً) ونادي الاتحاد السكندري، في شهر مارس/ آذار الماضي، إلا أنه مات، رغم إعلان شفائه في شهر يوليو/ تموز من العام الحالي. ولم تتوقف دارما الملاعب في مصر، بعدما تُوفّي نجم نادي كفر الشيخ، محمد شوقي، في مواجهته ضد فريق القزازين، بدوري الدرجة الثانية في مصر.
إن تكرار الأحداث المأساوية لظاهرة السقوط المؤدي للوفاة أمر مؤلم للغاية، لكن من حقنا أن نوجه أسئلتنا: لماذا يحدث هذا الأمر بشكل مُتكرر للرياضيين، الذين من المفترض تمتعهم بصحة ولياقة بدنية ممتازتين؟
قد يقول أحدنا: "إن السبب الأساسي يعود إلى كثرة المواجهات، التي أصبح يخوضها اللاعبون في الموسم الواحد، ما يعرضهم للتعب والإجهاد والإرهاق الزائد، رغم خضوعهم إلى فحوصات طبية دورية، حتى يجري التأكد من سلامة عضلة القلب، والقدرة على التحمل".
وبعد بحثي عن هذا الموضوع تحديداً، وقراءة عدد من المقالات العلمية، تبين أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل "دراما الملاعب" تظهر بين الفينة والأخرى، مثل توتر اللاعب والضغط العصبي والتحديات والمنافسة العنيفة، إذ إن استمرار شعوره بهذه الأشياء يُشكل له هاجساً كبيراً، ربما يُفضي إلى موته، وبخاصة أن بعض اللاعبين أصبحوا يتعرضون لضغط من قِبل المدربين، الذين دائماً يوجهون المطالب لنجومهم ويقومون بتكليفهم بأشياء معينة في الملعب، مع الصراخ عليهم دائماً، فيما باتت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً سلبياً أيضاً، لأن الجماهير بدأت تخترق خصوصية اللاعب وحياته الشخصية، وفي كثير من الأحيان يتعرض للهجوم والسباب والضغط.
ولن أنسى ذكر عامل مهم للغاية في عودة "دراما الملاعب" مرة أخرى، وهو الخوف، الذي يلاحق أي لاعب من التعرض للإصابة، بالإضافة إلى الإرهاق الذهني، وضغوط الحياة الخاصة، وسوء التغذية، وكثرة السهر وقلة النوم، وهي أشياء تجعل تعرضه لأزمة قلبية تنهي حياته أمراً وارداً جداً، خاصة أن بعض اللاعبين أصبح يلجأ إلى خوض تدريبات شاقة دون استشارة المختصين، أو تناول مكملات غذائية، في غياب الرقابة الطبية.
وصحيح أنني قرأت العديد من التوصيات واللوائح القانونية، من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الرياضيين، من قِبل عدد من الهيئات الدولية، سواء كانت كروية أو طبية، لكن أكثر ما لفتني، هو حقيقة وجود سيارة إسعاف مجهزة بشكل كامل، ومستعدة لأي حدث طارئ في المباراة، بالإضافة إلى جهاز الصدمات الكهربائية، الذي يمنح المسعفين القدرة على التعامل مع الأزمات القلبية، ويرفع وجوده من فرص اللاعب بالحياة، بالإضافة إلى وعي الرياضي حول الحفاظ على صحته، ورفع شعار "السلامة أولاً"، حتى لا تعود دراما الملاعب مرة أخرى إلى الظهور.