أمير عبدو.. المدرب الذي غيّر وجه منتخب موريتانيا وفتح باب الحلم

13 ابريل 2024
أمير عبدو خلال كأس أمم أفريقيا الأخيرة في ساحل العاج (كينزو تروبيلارد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مارس/آذار الماضي، قاد أمير عبدو منتخب موريتانيا لتحقيق تعادل سلبي مميز ضد المغرب، مظهرًا تنظيمًا دفاعيًا قويًا رغم قوة المنافس.
- تحت إدارته، شهد منتخب موريتانيا تقدمًا كبيرًا بالتأهل إلى الدور الثاني في كأس أمم أفريقيا لأول مرة، مؤكدًا على العمل الفني المميز والتكتيكي لعبدو.
- أمير عبدو، بخبرته التدريبية من فرنسا وجزر القمر، نجح في تطوير الكرة الموريتانية وتقديم مواهب جديدة، مما جعل حلم التأهل لكأس العالم 2026 أكثر واقعية.

ظهر منتخب موريتانيا بقيادة مدربه أمير عبدو (51 عاماً)، بشكل مميز في معسكره الذي خاضه أخيراً في شهر مارس/ آذار الماضي، ولعب فيه مباراته الدولية الودية، التي جمعته بمنتخب المغرب وانتهت بالتعادل السلبي من دون أهداف.

وقدم منتخب "المرابطون" أداءً رائعاً، إذ إن "أسود الأطلس"، الذين كانوا مدعومين بكتيبة من أبرز نجوم كرة القدم العالمية، مثل أشرف حكيمي، مدافع باريس سان جيرمان الفرنسي، وإبراهيم دياز، نجم ريال مدريد الإسباني، ويوسف النصيري، مهاجم إشبيلية الإسباني، لم يفشلوا فقط في التسجيل، بل إنهم عجزوا عن خلق أي فرصة طيلة التسعين دقيقة، وذلك بفضل التنظيم الدفاعي المميز للمدرب أمير عبدو المدير الفني لمنتخب موريتانيا.

وتفوّق عبدو على نظيره المغربي وليد الركراكي، في الصراع التكتيكي بينهما، رغم قوة المنتخب، الذي بلغ الدور نصف النهائي لكأس العالم الأخيرة، التي أُقيمت في دولة قطر، نهاية العام 2022، وذلك في إنجاز تاريخي هو الأول في تاريخ المنتخبات العربية والأفريقية. 

وواصل المدرب أمير عبدو، الذي يحمل جنسية جزر القمر، وكذلك الجنسية الفرنسية، مع منتخب موريتانيا ما أظهره في كأس أمم أفريقيا الأخيرة التي أُقيمت في ساحل العاج، بداية العام الحالي، بعدما تمكن لاعبوه من العبور إلى الدور الثاني، في مفاجأة كبيرة، لا سيما مع إقصاء بطل كأس أمم أفريقيا 2019، منتخب الجزائر، من الدور الأول. 

وأثبت منتخب موريتانيا، خلال المواجهة الودية مع المنتخب المغربي، أن كل ما تحقق وقتها لم يكن من باب الصدفة، بل إنه جاء نتيجة عمل مميز من الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، وكذلك من الجهاز الفني الذي اختار مواصلة التجربة مع المنتخب العربي، رغم العروض الكبيرة التي وصلته بعد نهاية عقده مباشرة، بعد المشاركة في البطولة الأفريقية.

وودَّع منتخب موريتانيا بقيادة مدربه أمير عبدو منافسات كأس أمم أفريقيا 2023 بعد مشاركة هي الأفضل في تاريخه، إذ إن حصيلته تحسنت مقارنة بما حققه في نسختي: مصر عام 2019، والكاميرون عام 2021، بعدما تخطى الدور الأول، لأول مرة، وتأهل إلى الدور ثمن النهائي قبل الخسارة أمام منتخب الرأس الأخضر بنتيجة 0ـ1. 

ويُعتبر التأهل إلى الدور ثمن النهائي بكأس الأمم الأفريقية الماضية أهم إنجازات الكرة الموريتانية بعدما ودَّع منتخبها، في وقت سابق، المنافسات مرتين من الدور الأول، كما حقق أول فوز له وكان على حساب منتخب الجزائر، صاحب التاريخ الكبير، بهدف دون رد، وهو انتصار أسعد الشعب الموريتاني الذي خرج بالملايين للاحتفال في الشوارع. 

ويعد نجاح القُمري أمير عبدو ثاني إنجازات المدرب في تلك البطولة القارية، إذ حقق نجاحاً تاريخياً مع جُزر القُمر في نسخة عام 2021، وكرر تجربته الناجحة، ولكن هذه المرة مع منتخب موريتانيا، وقاده لإنجاز التأهل إلى الدور ثمن النهائي، وأثبت قدرته على تحمل مسؤولية تدريب الفريق والتفوق على مدربين أوروبيين قادوا "منتخب المرابطين" قبل ذلك، وقادوا أيضاً منافسيه في المباريات التي خاضها. 

ونجح منتخب موريتانيا مع مدربه أمير عبدو في تقديم مواهب واعدة يمكن البناء عليها في سنوات لاحقة لمستقبل "المرابطين"، ويتصدر اكتشافات موريتانيا المهاجم أبوبكاري كويتا، الذي سجل هدفاً وساهم في تقديم فريقه عروضاً جيدة، وكان أخطر اللاعبين في الهجوم، وهو لاعب يبلغ من العمر 25 عاماً، ويمكنه العطاء لعدة سنوات مقبلة، ويمثل ورقة رابحة في الهجوم الموريتاني مستقبلاً، خاصة في ظل اقتناع المدرب أمير عبدو بقدراته، وهو الذي يلعب في الدوري البلجيكي لكرة القدم ويعد من أبرز هدافيه.

وقدم المنتخب الموريتاني في البطولة مستويات هجومية مميزة، ولم يكتفِ بالأداء الدفاعي الذي ظهر عليه في بطولتين سابقتين، إذ شهدت المباريات الأربع التي خاضها "المرابطون" تسجيل لاعبيه ثلاثة أهداف بواقع هدفين في مرمى أنغولا، وهدف في مرمى الجزائر، عبر لاعبيه: محمد ديلاهي وعمار بونا وأبوبكاري كويتا، وكان ذلك على حساب منتخبات قوية دفاعياً، وهو معدل محترم ويعبر عن تطور مستوى موريتانيا.

ونجح الاتحاد الموريتاني في الحفاظ على خدمات مدربه، رغم اهتمام بعض المنتخبات الأفريقية بضمه، إذ كان مرشحاً لتدريب المنتخب الجزائري والمنتخب الغاني الذي خرج هو الآخر من المنافسة الأفريقية من الدور الأول. ويبلغ أمير عبدو من العمر 51 عاماً، وهو صاحب تجربة بسيطة في عالم التدريب، إذ قاد في بداياته أندية فرنسية صغيرة، مثل أغين وسانت بول، قبل حصوله على الفرصة الأولى لتدريب المنتخبات، مع جزر القُمر بين عامي 2014 و2020، ثم درّب نادي نواذيبو الموريتاني لفترة قصيرة، تلتها تجربة جديدة مع منتخب "المرابطين".

وحقق المدرب إنجازات كبيرة في موريتانيا، إذ إنه فاز بلقب الدوري الموريتاني في ثلاث نسخ متتالية، وسجل رقماً مذهلاً عند قيادته المنتخب، إذ لم يخسر طيلة 15 مباراة بين مارس/ آذار 2022 ويناير/ كانون الثاني من العام الماضي 2023.

وتعيش الجماهير الموريتانية، خلال الفترة الأخيرة، على أمل تحقيق حلم بلوغ كأس العالم، التي ستقام بالولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك في 2026، إذ كان هذا الحلم أمراً بعيد المنال في السنوات الماضية، لكن في الفترة الحالية من حق الجماهير الموريتانية أن تحلم ببلوغ كأس العالم لأمرين اثنين رئيسين؛ أولهما المردود المميز الذي ظهر به المنتخب مع المدرب القُمري أمير عبدو، والذي غيّر، منذ وصوله، وجه موريتانيا تماماً، أما السبب الثاني فهو زيادة عدد المنتخبات الأفريقية المشاركة في المونديال إلى تسعة منتخبات كاملة، بعد رفع العدد الإجمالي للمنتخبات المشاركة في الحدث العالمي من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، اعتباراً من النسخة المقبلة، ومِن ثمَّ أصبح الحلم مشروعاً للموريتانيين.

المساهمون