الفصائل تدعم الشعب.... مرحلة جديدة من النضال

29 ابريل 2018
صبية عند قبر الشهيد محمد أيوب بغزة(محمود الهمص/فرانس برس)
+ الخط -
باتت الحدود الفاصلة بين قطاع غزة المحاصر، وكيان الاحتلال الإسرائيلي، محط حديث المجتمعَين العربي والدولي، واقتنصت مسيرات مخيم العودة التي دبت الحياة في الشباب الفلسطيني الرافض لكل أشكال التطويع، الوجهة الإعلامية من جديد، موعزاً لقيادته الإيمان بطاقته وبقدرته على التغيير، ونفض الخلاف وإنهاء الانقسام السياسي الدائر على الأرض الفلسطينية.
في 30 مارس/آذار 2018، بالتزامن مع الذكرى 42 ليوم الأرض الفلسطيني، انطلقت في قطاع غزة مسيرات تأكيد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها، وتسعى هذه المسيرات إلى إعادة الاعتبار لهذا الحق ووضعه من جديد وبقوة أمام العالم، وللتأكيد على أنه أحد الثوابت الفلسطينية التي طغت عليها دبلوماسية حل الدولتين.
نائب رئيس حركة فتح وعضو مركزيتها، محمود العالول، قال لـ "العربي الجديد": مسيرة العودة جزء من النضال الشعبي والمقاومة الشعبية التي تدعو إليها حركة فتح وتقودها في كل الميادين، بقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وأنها أحد أشكال المقاومة الشعبية التي هي حق للشعب الفلسطيني. مشيراً إلى دعم حركته ووضع ثقلها الجماهيري وثقتها بالمشاركين في مسيرات العودة في قطاع غزة، خصوصا أن استمرارها يكلف سلطات الاحتلال المزيد من الإحراج والإدانة الدولية، كما أكد العالول مواصلة النضال الفلسطيني على مختلف الصعد، في مواجهة الخطوات الأميركية المعادية للشعب الفلسطيني.

مواجهة مستمرة وإجماع شعبي ورسمي
في الميدان، يواصل الفلسطينيون بحشود تصل أعدادها إلى عشرات الآلاف في قطاع غزة مسيرات العودة، للأسبوع الخامس على التوالي، تصل ذروتها يوم الجمعة من كل أسبوع، ولها تسمياتها، على غرار جُمَع الثورات العربية، واثقين بخطاهم وأساليبهم المشروعة أمام بطش قوات الاحتلال وقناصته، عاقدي العزم على استمرارها حتى تحقيق المطالب الفلسطينية المشروعة.
ويرى الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أن الإجماع الشعبي والرسمي على استمرار مسيرات العودة، ودعم وتأييد قوى وفصائل العمل الوطني والإسلامي لها، يؤكد أهمية جدوى المقاومة الشعبية في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف: "جماهير شعبنا خرجت لتؤكد رفضها لكل الإجراءات الإسرائيلية بحق الأرض والإنسان الفلسطيني، ورفضها للقرارات والإجراءات الأميركية، من إعلان القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ووقف التمويل عن وكالة "الأونروا"، وقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، وتأكيدا على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وأرضهم التي هُجروا منها بالقوة.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن وتيرة المقاومة الشعبية في مدن الضفة الغربية المحتلة وغزة، اشتدت وازدادت عنفوانا منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2017، اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وتقليصها حجم مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

مسيرات العودة وحّدت الشعب في غزة
وعن مسيرة العودة الكبرى، يرى عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، عباس زكي، أن المسيرة والجهود الشعبية المبذولة في قطاع غزة، ستدفع القضية الفلسطينية إلى الأمام، لافتاً إلى أن مسيرة العودة تؤسس لمرحلة جديدة من النضال الفلسطيني الرافض للاحتلال الإسرائيلي، وهي تحدٍ كبير لكل المؤامرات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ونوه زكي إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة بكل مشاربه السياسية وانتماءاته الفكرية خرج بشكل موحد لنجدة القضية، على الرغم من الخلافات السياسية الكبيرة بين حركتي فتح وحماس، ما يعني أنه سبق كل القيادات السياسية في وحدته وتصديه لمخططات ترامب، وما يسمى صفقة القرن.
وقدمت مسيرات العودة التي يشارك فيها الآلاف من الفلسطينيين في أقل من شهر 40 شهيدا، وأكثر من 5000 إصابة، مازال منها 137 في مرحلة الخطر، وكان أحد أبرز نتائجها إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد، وبث الوعي في صفوف روادها، ودفع القيادات الفلسطينية إلى إعادة النظر في المطالب المطروحة على الساحة الدولية.
"مسيرات العودة في قطاع غزة وحّدت الشارع الفلسطيني في المقاومة الشعبية، وأعادت تقاليد الانتفاضة الشعبية الأولى للواجهة، وكبّدت الاحتلال الإسرائيلي خسائر على المستويين المحلي والدولي، وهو ما يستدعي بناء استراتيجية نضالية صحيحة، وليس المراهنة على مفاوضات مع الاحتلال"، وفق حديث أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي.
وقال البرغوثي: تكمن أهميتها في كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وتذكير العالم بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المدن والقرى التي هجروا منها قبل 70 عاماً، وعدم التنازل أو التفريط في أي من القضايا الوطنية، في ظل رفض حكومة الاحتلال الإسرائيلي مبدأ الحل الوسط.

المقاومة الشعبية في الضفة المحتلة
تجلت المقاومة الشعبية الفلسطينية في أروع صورها عندما هب أبناء مدينة القدس المحتلة، لمواجهة قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوضع بوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة على أبواب المسجد الأقصى، في 14 يوليو/تموز 2017، إذ سارع المواطنون إلى تنظيم المسيرات والاعتصامات وإقامة الصلوات على عتبات المسجد الأقصى، على مدار 14 يومًا.
ويرى العديد من المراقبين والمحللين للساحة الفلسطينية أن المقاومة الشعبية تراجعت في الضفة الغربية المحتلة، مستندين في ذلك إلى تراجع أعداد المشاركين في المسيرات والفعاليات الوطنية، وتراجع حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية، بينما استطاعت غزة المحاصرة أن تلفت انتباه العالم إلى مقاومتها الشعبية، فهل باتت مدن الضفة معزولة عن غزة؟
ينفي مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، يونس عرار، أن تكون مدن الضفة الغربية المحتلة معزولة عن ممارسة المقاومة الشعبية، مشيراً إلى أن الضفة المحتلة تواصل المسيرات الرافضة لجدار الفصل العنصري والتوسع الاستيطاني منذ 16 عاماً، وقدمت، خلال العامين الأخيرين، نحو 500 شهيد، وآلاف الأسرى والمعتقلين.
يعتبر عرار أن المقاومة السلمية هي التي بنت مدارس الصمود والتحدي، وهي التي تدعم صمود وتثبيت المواطنين الفلسطينيين في أراضيهم التي تخنقها المستوطنات الإسرائيلية، وعمل لجان الحراسة الليلية في القرى والبلدات التي قسمها جدار الفصل العنصري، أحد أشكال المقاومة الشعبية، مؤكدا أهمية مشاركة كافة القطاعات وانخراطها فيها.
وتؤكد القوى الوطنية، والإسلامية منها، على أهمية توسيع رقعة المقاومة الشعبية في كل مناطق التماس والاستيطان والحواجز العسكرية والطرق الالتفافية، رفضا للمواقف الأميركية الهادفة إلى المساس بالحقوق والثوابت الوطنية، وبذل كل الجهود لإزالة العقبات أمام مسار المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تشكل صمام الأمان لحماية حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني.
المساهمون