عرب إيطاليا... نحو مزيد من التنظيم

01 نوفمبر 2016
+ الخط -
يشكل المهاجرون العرب في إيطاليا، وفقاً لأرقام رسمية تقريبية، ما نسبته 15 بالمئة من مجموع المهاجرين إلى هذا البلد. ومن بين الجاليات العربية، فإن أفراد الجالية المغاربية (من المغرب والجزائر وتونس) يشكلون حوالي 60 بالمئة، ما يجعلهم في مقدمة أعداد العرب المهاجرين، وبفترات متفاوتة. باقي النسب المئوية تتقاسمها بقية الجاليات العربية، وتتصدر هؤلاء الجالية المصرية.

في السنوات الأخيرة بات التركيز على مسألة الاندماج في المجتمع الإيطالي أكبر مما كان عليه في العقود الماضية، تزامنا مع تطورات كثيرة شهدتها معظم الدول الأوروبية، وليس أقلها الهجمات التي راح ضحيتها مدنيون في عدد من المدن والعواصم، مع تنامي تهديدات "داعش" لأوروبا وانعكاسات ذلك على المسلمين عموما. المجتمع الإيطالي لديه نظرة نمطية تجاه المهاجرين، بغض النظر عن الجنسية أو طبيعة العمل والتحصيل العلمي، وخصوصا في فترة يشتد فيها عود اليمين القومي المتشدد.
حاولت الجاليات العربية منذ سنوات تنظيم شؤونها من خلال تأسيس جمعيات مسجلة رسمياً، لكن كثرة تلك الجمعيات لا تعني أن نشاطها وتواجدها وتأثيرها يعكس أرقام تلك الجمعيات والمؤسسات.

فعلى سبيل المثال، تعمل في ايطاليا أكثر من 59 جمعية مسجلة للجالية المغربيه فقط، بينما تسجل في كل أنحاء ايطاليا إحصائيا حوالى 60 جمعية لباقي الدول العربية، ويعزى هذا الفارق العددي الكبير إلى أن العديد من الجمعيات المغربيه تلك شكلت بهدف إنشاء مساجد والتي تحمل اسم مراكز إسلامية أو ثقافية إسلامية.
وفي المجمل لا يمكن إدراج تلك الجمعيات حقيقةً تحت تصنيف جمعيات المجتمع المدني الناشطة، فالقليل منها يعمل بطبيعة نقابية أو يهتم بحقوق المهاجرين وقضاياهم المعيشية، بينما نكاد لا نجد جمعية تعنى بالأسرة والصحة ومشاكلها في بلد الاغتراب، فبذلك يقتصر غالبا عمل تلك الجمعيات على عمل أي مسجد كمكان للعبادة.
وفي الفترة الأخيرة حاول "اتحاد جاليات العالم العربي" مع جمعية "اتحدوا من أجل الوحدة"، أن يُنشط وضع الجاليات وحضورهم من خلال الاشتراك بتقديم رسالة إلى بابا الفاتيكان عليها تواقيع أكثر من 2300 جمعية ومؤسسة، معبرين فيها عن تأييد كل ما يمكنه تفعيل سياسة العيش المشترك وبناء جسور التواصل بين الشعوب والأديان ونبذ كل أشكال التمييز والعنصرية.

ومن خلال القيام بمسيرات وزيارات ونشاطات مجتمعية متبادلة بين المساجد والكنائس "لتبادل الأفكار حول كيفية الحد من الصورة السلبية للمهاجرين العرب والمسلمين"، وفق ما يقوله لـ"العربي الجديد"، البرفسور فؤاد عودة، رئيس "اتحاد جاليات العالم العربي" وجمعية الأطباء العرب في إيطاليا.
وأضاف عودة أن "ما يميز النشاط المجتمعي أنه لأول مرة تجتمع المنظمات والجمعيات العربية الدينية واللادينية بهذا الزخم بهدف كسر حاجز الخوف لدى الإيطاليين من الدخول إلى المساجد والتعرف على ما يدور فيها من نشاطات، وتقوية العلاقات بين الجمعيات العربية والمسلمة والإيطالية العلمانية والمسيحية ومواجهه الإعلام العنصري الموجه ضد الإسلام والعرب، والعمل سويا لضمان حقوق وحريات الجميع". وما يأمله عودة هو تجدد نشاط الجاليات العربية "سواء عبر مسيرات السلام بمشاركة الآلاف من دول عدة في هذا الشهر على خطى الفيلسوف والسياسي ألدو كابيتيني، المناهض للفاشية، أو عبر الزيارات والأنشطة المتبادلة، وأن نحولها إلى نافذة للحوار ونقطة تلاق مع الديانات والثقافات، وخاصة في هذه الفترة الحرجة التي يسلط فيها الإعلام أدواته ليبث أفكارا من شأنها المساس بصورة الجاليات، وهنا يبرز أيضا دور الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، حيث يقومون بحملات ودعوات للمشاركة عبر منصات التواصل الاجتماعي وباللغة الإيطالية، ما يزيد من تفاعلهم مع جيل الشباب الإيطاليين لما يتميزون به عن ذويهم بإتقان تام للغة ومعرفة تامة بالفكر الغربي وفنون مخاطبته".


المساهمون