مؤتمر بروكسل لدعم سورية.. احتياجات وتوصيات

22 مايو 2024
لم تدفع دول وجهات مانحة تعهداتها المالية السابقة (فرجينيا مايو/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- "مؤتمر بروكسل" الثامن يهدف لجمع الدعم للاجئين والنازحين السوريين، بمشاركة الاتحاد الأوروبي، دول الجوار، ومنظمات دولية ومدنية، مع التركيز على الاحتياجات العاجلة ودعم حل سياسي.
- التأكيد على التعافي المبكر والتوزيع الشفاف للمساعدات لتجنب استغلال النظام السوري، مع مناقشة مجالات الصحة، التعليم، والمساعدات الإنسانية.
- التحديات تشمل عدم الوفاء بالتعهدات المالية والنفقات التشغيلية العالية للمنظمات الدولية، مما يستدعي آليات تمويل وتوزيع أكثر فعالية وشفافية.

يهدف "مؤتمر بروكسل" الثامن إلى دفع المانحين لتقديم مزيد من الأموال وأدوات الدعم المختلفة لملايين اللاجئين والنازحين السوريين المتضررين من الصراع الدامي الذي دخل عامه الثالث عشر.

يناقش الاجتماع الوزاري لمؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة" الثامن المعروف بـ"مؤتمر بروكسل"، المقرر في 27 مايو/ أيار الجاري، مجموعة من التوصيات التي جرى التوافق عليها في اليوم الحواري للمنظمات السورية الذي عقد في 30 إبريل/نيسان الماضي، بحضور أكثر من 600 مشارك.
وأكد الاتحاد الأوروبي في بيان نشرته دائرة العمل الخارجي التابعة له، الجمعة، أن الاجتماع الوزاري سيشهد مشاركة ممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد ودول جوار سورية ودول أخرى، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني السوري. 
وأوضح البيان أن الاجتماع سيأخذ بالتوصيات الصادرة عن مؤتمر الحوار مع المجتمع المدني، وسيعمل على تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للسوريين والمجتمعات المضيفة لهم، وتجديد دعم المجتمع الدولي للحل السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، مشيراً إلى أنه تقديم أكثر من 33 مليار يورو في الاستجابة للأزمة السورية منذ عام 2011.
وشمل اليوم الحواري نقاشات لمنظمات المجتمع المدني السورية مع ممثلين عن الدول والفاعلين الرئيسيين من خلال ست طاولات مستديرة. ويؤكد المدير التنفيذي لـ "وحدة تنسيق الدعم"، محمد حسنو، وهي إحدى الجهات التي تنسق توزيع المساعدات في شمالي سورية، أن مجمل التوصيات والمقترحات ستُعلن في الاجتماع الوزاري، والذي سيفصح كذلك عن التعهدات المالية للدول والكيانات الدولية.

وأوضح حسنو لـ"العربي الجديد"، أن "توصيات المنظمات السورية تماشت مع مجالات تركيز المنظمات الدولية والأممية ومنها أوكسفام وبرنامج الغذاء العالمي واللجنة الدولية للصليب الأحمر على مسألة التعافي المبكر، شريطة أن لا يكون ذريعة للتحكم والابتزاز من النظام السوري، أو مبرراً لرفع العقوبات عنه، وأن يكون هدفه التقدم في العملية السياسية، ومتوازناً وفق احتياجات المناطق، وأن تنتهج الأمم المتحدة نهجاً محايداً في التعامل مع طرفي الصراع، مع خلق آلية شفافة لتوزيع الأموال تجنباً لوصولها إلى شبكة الفساد المدارة من النظام".
وتتهم منظمات مدنية وجهات سياسية سورية معارضة، النظام باستجرار أموال المساعدات عبر غطاء "التعافي المبكر"، وفي الوقت الذي تصرّ فيه الولايات المتحدة وأوروبا على عدم البدء بعملية إعادة الإعمار قبل تحقيق الحل السياسي الشامل وفقاً للمخرجات الأممية، وفي مقدمتها القرار 2254، فإن نظام الأسد وجد في برامج التعافي المبكر الذي تضمنته القرارات الأممية الأخيرة لإدخال المساعدات إلى البلاد، نافذة لاستجرار الأموال.

تحتاج مشاريع إعادة الإعمار السورية إلى مزيد من التمويل (عمر حاج قدور/فرانس برس)
تحتاج مشاريع إعادة الإعمار السورية إلى مزيد من التمويل (عمر حاج قدور/فرانس برس)

وتؤكد منظمات مدنية ومنظمات حقوقية تراقب أنشطة النظام أن أنشطة "التعافي المبكر" التي أصرت روسيا على تضمينها في قرارات التجديد الثلاثة الأخيرة لآلية إدخال المساعدات الأممية، تستهدف مناطق سيطرة النظام بما يسهم في تأهيل المؤسسات الخدمية الحكومية.
ويطالب مسؤولو النظام في كل اجتماعاتهم مع المسؤولين الأمميين بتخصيص جزء كبير من أموال "التعافي المبكر" لمناطق سيطرته، مع ربط ذلك بمسألة تأهيل البنى التحتية التي تسمح بعودة اللاجئين، لكن مراقبين يرون أن النظام يسعى من خلال هذه الأموال إلى إنعاش اقتصاده المتهالك، وبدء عمليات إعادة الإعمار من خلال القفز على الحواجز الدولية أمامها.
كانت المديرة التنفيذية لمنظمة "عدل وتمكين"، هبة عز الدين، حاضرة في مناقشات اليوم الحواري، وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "جميع الاحتياجات طرحت خلال جلسات الحوار الستة، وشملت مسألة المساعدات الغذائية المباشرة، وتقليص برنامج الغذاء العالمي حجم السلال الإغاثية، كما تم طرح مسألة المساعدات الإنسانية غير الغذائية، كسلال المواد الصحية ومستلزمات النظافة العامة، وكان هناك تركيز على القطاع الصحي في كل الجغرافيا السورية، وانهيار النظام الصحي في البلاد، والذي انكشف مرتين، الأولى خلال انتشار وباء (كوفيد-19) والثانية خلال كارثة الزلزال، وكان التركيز على مسألة إمداد المرافق الصحية بالأدوية والأجهزة الطبية".
تضيف عز الدين: "ناقشنا أيضاً مسألة التعليم، وضرورة توحيد المناهج، والحصول على شهادات معترف بها، أو اعتماد منهج يؤهل إلى شهادات معترف بها، إضافة إلى دعم المدارس والكوادر التعليمية، وركزنا بوصفنا منظمات على أن مسألة دخول المساعدات الإنسانية يجب ألَا تكون مرتبطة بأي آلية، فالأهم هو دخول المساعدات إلى المحتاجين ووصولها إليهم. كل الطروحات التي تخللها اليوم الحواري ركزت على أن التعافي المبكر يجب ألّا يشير إلى إعادة الإعمار، ومن ثم عدم استفادة النظام من هذه الفرصة، ولا سيما أن يكون هذا فرصة سياسية ليستعيد النظام علاقاته مع دول العالم، والمحيط العربي التحديد".

تتابع: "دارت النقاشات أيضاً حول مشاريع التنمية ودعم الاستقرار، حتى من دون الحديث عن إعادة تأهيل المرافق، وركزت على الاستفادة من الموارد في دعم المجتمعات المحلية، وخلق مشاريع صغيرة لدعم صمود الناس. الاتحاد الأوربي المنظم للحدث، لم يكن متشجعاً لمسألة التعافي المبكر، ولا سيما أن اللاءات الأوربية الثلاث لا تزال حاضرة، وهي: لا للتطبيع، ولا لإعادة الإعمار، ولا لرفع العقوبات عن النظام ما لم ينجز الحل السياسي، لكن كانت هناك جلسة جانبية ركزت فيها الأمم المتحدة على مسألة إعادة تأهيل محطات المياه والكهرباء، وكان واضحاً انعكاس رؤية النظام في طروحات تلك الجلسة".
وانتهت النسخة السابعة من المؤتمر إلى تقديم 10.3 مليارات دولار لتمويل العمليات الإنسانية في سورية، لكن المنظمات السورية والرعاة الدوليين لا يزالون يعانون مشكلة عدم إيفاء الدول بتعهداتها المالية، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من تلك الأموال تذهب لمصلحة النفقات التشغيلية للمنظمات الدولية المشرفة على الإنفاق والمشاريع، ومن ضمنها رواتب الموظفين وكلفة عقد الاجتماعات وأجور المكاتب وغيرها، ما يقلص ما يصل منها إلى المحتاجين.

المساهمون