سورية: موجات نزوح جديدة جراء استمرار القصف على إدلب

07 أكتوبر 2023
بناية مدمرة بعد استهداف قوات النظام مدينة إدلب والقرى المحيطة بها (معاوية أطرش/فرانس برس)
+ الخط -

تفاقمت معاناة الأهالي المقيمين في مناطق شمال غربي سورية، مع استمرار حملة القصف التي تشنّها قوات النظام السوري وتوسع رقعتها، ما اضطر الآلاف منهم إلى النزوح من قراهم طلباً للأمان.

وتعطّلت الحياة اليومية بشكل شبه كامل في كل من أريحا و سرمين والنيرب وقميناس وترمانين ودارة عزة وجسر الشغور وغيرها من المناطق بسبب الاستهداف المتكرر، بحسب الناشط فؤاد العلي، الذي قال لـ"العربي الجديد" إنّ تحرك الناس في تلك المناطق يقتصر على قضاء الحاجات الأساسية فقط، مع غياب أي مظهر للأسواق أو التجمعات، كما شهدت تلك المناطق حركات نزوح نحو المناطق الأكثر أمناً.

وأضاف العلي أن الأهالي لم يعاتدوا على حملات قصف بهذا الحجم، إذ عادة يتركز على منطقة دون سواها، لكن في هذه المرة امتد لكافة القرى والبلدات المحاذية لقوات النظام السوري، ابتداء من ريف حلب الغربي مروراً بقرى ريف إدلب الشرقي والجنوبي وانتهاء بقرى الريف الغربي والمناطق المحاذية للساحل السوري شمالاً.

وتابع: "توزعت وجهات النازحين، فبعضهم قصد أقاربه في مناطق الشمال السوري على الحدود مع تركيا، وآخرين لجأوا إلى مراكز الإيواء المؤقت التي افتتحتها وزارة التنمية في عدة مناطق، مثل معرة مصرين وسرمدا وسلقين وقاح، إلا أن النازحين إلى تلك المخيمات بحاجة ماسة لمساعدات إضافية إذ خرج معظمهم بثيابه التي يرتديها من دون أن يحمل معه أي متاع يذكر".

من جهته، يقول عابد العلي، وهو نازح من بلدة سرمين، لـ"العربي الجديد"، إنه خرج بعائلته من البلدة من دون أن يحملوا أي أغراض معهم من المنزل، ولجأوا إلى مركز الإيواء في معرة مصرين، فاللجوء إلى مكان آمن كان أهم هدف يبحثون عنه، لكنهم الآن بحاجة لكل شيء من الفرش والأغطية إلى أدوات المطبخ وغيرها من اللوازم الأساسية التي يحتاجها أي منزل.

وأضاف النازح: "لست الحالة الوحيدة الموجودة في مركز الإيواء، فعائلات كثيرة تعاني ما نعانيه وتعجز عن توفير تلك المستلزمات على نفقتها الشخصية، فهي بالكاد تستطيع تأمين قوتها اليومي".

أما زياد العموري، وهو نازح من ريف حماة يقيم في مدينة إدلب، فيقول لـ"العربي الجديد" إنه أرسل والديه إلى منزل أقاربهم في كفرتخاريم، في حين بقي هو وأخوته في إدلب، فالشباب لديهم قدرة أكبر على الحركة مقارنة بكبار السن، وفي حال استمر الوضع على هذا النحو، فسيضطرون جميعاً لمغادرة المدينة.

ويوضح العموري أن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الأهالي في إدلب لخطر مباشر منذ حملة 2019، وهو ما جعل الخوف مضاعفاً، إذ لم يعتادوا على قصف مباشر على مركز المدينة المكتظة بالسكان.

من ناحية أخرى، تعطلت أمس صلاة الجمعة في مدينة إدلب والقرى المستهدفة، وهي المرة الأولى التي لم تقم فيها بعد جائحة كورونا. كما أصدرت وزارة التربية قراراً يقضي بتعطيل الدوام المدرسي لجميع المدارس الخاصة والعامة لمدة يومين في الوقت الحالي. ويتوقع ناشطون أن تتمدد العطلة لأيام أخرى في ظل تصميم قوات النظام السوري على توسيع رقعة القصف، وزيادة قوته.

أما جامعة إدلب، فقد أجّلت امتحانات الدورة التكميلية التي كان من المفروض أن تقدم اليوم لمدة أسبوع كامل حتى تاريخ 14/10، وأُوقف الدوام الرسمي للموظفين لمدة يومين.

في القطاع الصحي، يبدو الوضع أكثر صعوبة، فهو عاجز في الحالة الاعتيادية عن تلبية حاجيات الأهالي المتزايدة، وبعد هذه الحملة، تفاقمت المعاناة بحسب الممرض خالد الإبراهيم، حيث باتت المشافي تغص بالجرحى وتوقفت عن استقبال الحالات الباردة واقتصر عملها على استقبال جرحى القصف. كما أصدرت مديرية صحة إدلب بياناً طالبت الأهالي فيه بضرورة التبرع بالدم بشكل مستعجل نتيجة الحاجة المستمرة لوحدات الدم.

وكانت قوات النظام السوري قد بدأت حملة قصف مكثفة على قرى وبلدات ريف إدلب في الخامس من أكتوبر/ تشرين الجاري، بعد عملية الاستهداف التي تعرضت لها الكلية الحربية في حمص، والتي أدت إلى مقتل عشرات الضباط والمدنيين الذين كانوا يحضرون حفل تخرج لطلاب الكلية.

المساهمون