السباق لإنتاج لقاح كورونا بدأ... متى يصبح جاهزاً؟

19 مارس 2020
لن يكون اللّقاح جاهزاً قبل 18 شهراً (رحمان روسلان/GETTY)
+ الخط -
تسعى نحو 35 شركة ومعهداً أكاديمياً علمياً، لابتكار وتطوير لقاح ضد فيروس كورونا، الذي تفشّى في معظم دول العالم، وتسبّب في مقتل الآلاف. تمكنّت، حتى الآن، أربع شركات من اختبار لقاحات تجريبيّة ضد الفيروس. فكانت شركة Moderna للتكنولوجيا الحيوية، التي تتخذ من بوسطن مقراً لها، من أول الشركات التي قادت تجارب حول اللّقاح الذي أنتجته. ويعطي هذا التعاون الدولي لإنتاج لقاح، بارقة أمل لإنقاذ البشرية. مع ذلك يبقى السؤال الرئيسي: متى يصبح اللّقاح جاهزاً؟

يشير تقرير صادر عن صحيفة "ذا غارديان" تحت عنوان: "متى يكون لقاح فيروس كورونا جاهزاً"، إلى أن الشركات العالمية تتسابق لإنتاج وتطوير لقاح ضد الفيروس، ويعود السبب في هذه السرعة، إلى حد كبير، للجهود الصينية المبكّرة في كشف تسلسل المادة الوراثية لـ Sars-CoV-2، وهي المسبّبة لفيروس Covid-19. شاركت الصين هذا التسلسل في أوائل يناير/ كانون الثاني، ما سمح لمجموعات البحث في جميع أنحاء العالم بزراعة الفيروس الحيّ ودراسة كيفيّة غزوه الخلايا البشرية.

ويلفت التقرير إلى أنّه هناك سبباً مهماً آخر، ساهم في تسريع هذه العمليّة، ألا وهو التجارب العلمية السابقة المرتبطة بالفيروسات التي ساهمت في ظهور وباءي - متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (Sars) في الصين في 2002-2004، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (Mers) التي بدأت في المملكة العربية السعودية في عام 2012. إذ شكّلت هذه التجارب السابقة، قاعدة بيانات ساعدت الشركات للعمل على تطوير اللّقاح.

ويعتقد ريتشارد هاتشيت، الرئيس التنفيذي لمنظمة تحالف ابتكارات التأهب للوباء (Cepi)، التي أنشئت عام 2017 ضمن مقررات مؤتمر دافوس العالمي، أنّ "السرعة التي قمنا بها بتطوير لقاح، تعتمد إلى حد كبير على الاستثمار في فهم كيفية تطوير لقاحات ضد الفيروسات السابقة".

وكانت شركة Novavax ومقرها ميريلاند الأميركية، قد أعادت استخدام اللّقاحات السابقة الخاصة بوباء سارس. وتقول الشركة إن لديها العديد من المرشحين المستعدين للمشاركة في تجارب اللّقاح، هذا الربيع. وفي الوقت نفسه، بنت شركة Moderna تجاربها الحديثة على بحث سابق مرتبط بفيروس Mers (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، أجري في "المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية"، في ولاية ميريلاند.

وتشير الأبحاث إلى أنّ فيروس كورونا يتشارك من 80 إلى 90 في المائة من المواد الوراثية المكونة لوباء سارس. إذ يتكوّن كلاهما من شريط من حمض الريبونوكليك (RNA) داخل كبسولة بروتينية كرويّة مغطاة بالمسامير. ووفق التقرير، فإن جميع اللّقاحات ستعمل على تحفيز الجسم لإنتاج أجسام مضادة للمرض. وتشكّل الأجسام المضادة، نوعاً من الذاكرة المناعيّة، التي بعد استخلاصها مرة واحدة، يمكن تحريكها بسرعة، مرة أخرى، إذا ما تعرض الشخص للفيروس في شكله الطبيعي.

ولكن وفق التقرير الذي نشرته "ذا غارديان"، فإن عملية نجاح وفاعلية أي لقاح تمر بثلاث مراحل. تشمل المرحلة الأولى، اختبار اللّقاح على عشرات المتطوعين الأصحاء، من أجل رصد تأثيره على سلامة الأشخاص وآثاره الجانبية. تتوسّع الاختبارات في المرحلة الثانية لتشمل مئات الأشخاص، بينما في المرحلة الثالثة، فتتمّ تجربة اللّقاح على عدة آلاف من الناس، بانتظار النتائج. ولذا فإن نجاح اللّقاح يحتاج إلى فترة زمنية ليست بقصيرة، وهو ما تؤكدّه، أنيليس ويلدر سميث، أستاذة الأمراض المعدية الناشئة في "مدرسة لندن لطب المناطق الحارة" LSHTM. تقول سميث: "لا أعتقد أن هذا اللّقاح سيكون جاهزاً قبل 18 شهراً".

وبعيداً عن طول المهلة الزمنية، هناك مشاكل محتملة أخرى، يمكنها أن تؤخّر إنتاج اللّقاح. فيشير التقرير إلى أنه بمجرد الموافقة على إنتاجه، سيكون الطلب عليه كبيراً وهناك حاجة لإنتاجه بكميات كبيرة. العديد من الشركات التي تعمل على إنتاج اللّقاح، ليس لديها القدرة على الإنتاج بهذه الكميّات، لذا يعدّ تطوير اللّقاحات أمرًا محفوفًا بالمخاطر. لذا سعت منظمة "تحالف ابتكارات التأهب للوباء" للحصول على ملياري دولار للاستثمار في تطوير لقاح Covid-19 وتعزيز القدرة على تصنيعه. كما يعتبر خبير الصحة العالمية، جوناثان كويك، من جامعة Duke في نورث كارولينا أنّ السياسة والاقتصاد يمكن أن يشكلاّ عائقاً إضافياً أمام تجهيز اللّقاحات ونشرها.

ويضيف التقرير أنّ البلدان الفقيرة، التي لديها أنظمة رعاية صحية هشّة، ستواجه مشكلة في الحصول على اللّقاح، لذا تسعى منظمة الصحة العالمية مع الحكومات والمؤسسات الخيرية وصانعي اللّقاحات، للاتفاق معاً على استراتيجية توزيع عالمية عادلة.

 

 

المساهمون